إحذر من أهدافك وأحلامك
إحذر من أهدافك وأحلامك

 شابٌ طموح يحلم بالسفر للخارج , كان ينتظر تخرجه من الجامعة بفارغ الصبر من أجل تحقيق حلمه للسفر لإحدى الدول الأوروبية , وكان يؤسس لهذه الحياة المُرتقبة في أوروبا , فكان يتعلم اللغة الأجنبية في الأجازات الدراسية , وكان يدرس العديدمن الكورسات التي تؤهله للعمل في هذه الدول , ويقرأ ويتعلم من أجل حلمه الذي رسمه في مخيلته , ويرى مُستقبله في أحلام يقظته .
وقد حاول الكثير من أهله وأصدقائه إثنائه عن هذا الحلم , إلا أنه كان مُتمسكاً به بشدة  .
وجاءت لحظة تخرجه من الجامعة ليقترب من تحقيق أحلامه التي تعتمد على السفر فقط .
ولأنه كان يُجيد أكثر من لغة , ودرس العديد من الكورسات , فقد جاءته العديد من الوظائف التي يحلم بها آلاف الشباب أمثاله , إلا أنه رفض مُجرد التفكير في التنازل عن حلمه .
تقدم أكثر من مرة للسفر , ولكنه كان يفشل في السفر , وفي المقابل تنهال عليه الوظائف الحكومية والخاصة بسبب تفوقه ودراساته , لكنه يرفض  .
خاب رجاء أهله في محاولات إقناعه بالوظائف , وتحسرو على عمره الذي يضيع منه هباءاً .
فأصدقائه تزوجو وأصبحو أرباب أُسَر , أما هو فلا يزال أبويه يبيعون من أملاكهم ويخسرون أموالهم من أجل أن يساعدوه في السفر .
ولكن حان الوقت ليتوقفو عن مُساعدته , فلم يعد بإمكانهم تحمل الخسائر أكثر من ذلك  .
وهو تعرض لإكتئابٍ حاد واعتزل الجميع , فأصبح مُعتكِفاً في غرفته ,  ويأتيه الطعام والشراب لغرفته , ويخرج من المنزل فقط ليُتابع علاجه النفسي فقط  .
هذه قصة من وحي خيالي عزيزي القارئ لأوضح لك بعض الحقائق  .
فهذا الشاب يُمَثل طائفة كبيرة جدا من الشباب , لا أتحدث عن الطائفة التي تحلم بالسفر وحسب , فهذه القصة من أجل التوضيح فقط  .
ما أريد أن أوضحه , هو أنَّ التمسك بالحلم شيئ عظيم وأنا أدعو بذلك , وأدعو إلي تحقيق الأحلام وعدم اليأس .
لكن ماذا يحدث إن كان الله تعالى لا يريد لنا تحقيق هذا الحلم  ؟!!!
ماذا سيحدث إن كان الله يريد أن يغلق لنا هذا الباب لأن فيه شراً لنا ؟!!!
ماذا سيحدث إن تمسكنا بحلم ليس بمقدورنا ولا إمكانياتنا تحقيقه أبداً ؟!!! 
ماذا سيحدث إن تمسكنا بحلم غير مدروس جيداً إن كان في صالحنا أم عكس ذلك ؟!!!
ماذا سيحدث إن تمسكنا بحلم ليس إلا أوهاماً وناتج عن مشاعر أو ضغائن ؟!!!
ماذا سيحدث إن تمسكنا بحلم ليس إلا هروب من واقعنا المُزري ومن فشلنا ؟!!! 
إذا لمست سلكاً كهربائياً وتعرضت لصدمة الكهرباء منه بسبب ماس كهربائي أو قطعة من السلك عريانة من الحافظ البلاستيكي , فإنَّك على الفور ستترك هذا السلك ولن تقترب منه حتى يتم إصلاحه .
هكذا تكون الأحلام المستحيلة , عليك أن تتعرف على نفسك أولاً إذا كان لديك إمكانيات ومهارات تحقيقه أم لا , وعليك دراسة الهدف والتنظيم الجيد لتحقيقه  .
أمّا أن تتمسك بحلم ليس لك فيه طاقة , فهذا هو أشبه بالذي يتعرض لصدمة الكهرباء من السلك العريان فيقذف السلك من يده بتلقائية , ثم بعدها يُقبل على السلك ويمسكه مرة أخرى فيتعرض لصدمة ثانية , ثم يمسك السلك مرة ثالثة فيتعرض لصدمة ثالثة , فعندما يهُم أن يمسكه مرة رابعة ينهره الناس , فيقول أنا مصمم على تشغيل الثلاجة حتى لا يفسد الطعام , وبالفعل يمسكه للمرة الرابعة ويتعرض للصدمة الرابعة .
والمفترض أنه من المرة الأولى يتوقف ليدرس أسباب هذا الماس الكهربائي ويعالجها , ثم يضع الفيشة لتشغيل الثلاجة , فإذا تعرض لصدمة أخرى حينها فلا ضرر في أن يُصر على الإصلاح مرة ثانية ليعالج السلك , وبعد أن يفرغ من الإصلاح قد يتعرض مرة ثالثة للصدمة الكهربائية , حينها يتوقف ويدرس السبب الجديد لحدوث الماس , وهذا لا ضرر عليه .
فمثال الذي يمسك السلك دون إصلاح هو نفس بطل القصة الذي أغلق على نفسه كل أبواب الحياة من أجل هدف , كان عليه أن يعرف نتيجته الحتمية , فلقد قضى على حياته كما فعل رجل السلك الأول , الذي يقتل نفسه بمحاولاته الغبية .
فانتبهو لأحلامكم جيداً , ولا تقتلو أنفسكم داخل صندوق صغير , فلا عيب أن تبحث لنفسك عن حلم آخر , فالحياة لا تُرى حدودها بالأعين المجردة , لماذا تُضيقها على نفسك إلى هذا الحد ؟!!!

إطلق العنان لأفكارك واجعلها تسبح في هذا العالم بحثا عن الأفضل والأنسب لك مستعينا بالله دائما في إختياراتك فهو نعم المعين لك .

انس النجار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!