إقرأ وفكر وتعلَّم هو عنوان مقال اليوم عن مجموعة من الشباب كانو في رحلة عبر الصحراء وضَلُّو طريقهم , وفي النهاية عثرواْ على مخرجٍ وحيد لهم , لكن واجهتهم مُشكلة …..
كتلة صخرية كبيرة تقف حاجزاً بين مجموعة الشباب وبين طريقهم الوحيد للخروج , وعليهم أن يمرواْ مِن خِلالها , ولكنَّها تغلق الطريق أمامهم .
لا يوجد مخرج آخر لهم , فقد سقطت هذه الكُتلة الصخرية من قِمةِ جبل وأغلقَتْ هذا الطريق , ولا سبيل إلَّا بنقلها من مكانها .
كانت مجموعة الشباب مُكوَنة من ستة أفراد , لكنَّ هذه الكتلة كبيرة ولا يستطيع ستون شخصاً حملها .
تحدَّث أحدهم بإنهيارٍ شديد قائلاً :- لقد إنتهى أمرنا , لأنَّ نقل هذه الصخرة هو أمرٌ مُستحيل .
ولكنَّ شخصاً آخر ردَّ عليه قائلاً :- ليس هُناك أمرٌ مُستحيل على الإطلاق , الإستحالة تأتي عند الإستسلام , ويجب أن لا نستسلم .
تشاورو فيما بينهم , حتى قال أحدهم يجب تحطيم هذه الصخرة , إلتفت الجميع إليه بتعجبٍ من قوله هذا .
فتحطيم كُتلة صخرية ليس أمراً هيناً عل الإطلاق , لكن عليهم بالمُحاولة , فلا سبيل أمامهم سوى تنفيذ هذه الفكرة .
وبعد التشاور فيما بينهم حول كيفية تحطيم الصخرة , قال أحدهم :- كُنت أعمل في مقلعٍ للأحجار , وكانت طبيعة عملي هي تكسير الصخور .
قام هذا الشخص بتوجيههم لكيفية تحطيم الصخرة , وذلك عن طريق دق مسامير حديدية كبيرة في خطٍ مستقيم , ثُمَّ الضغط بالدق حتى يحدث شرخٍ في الصخرة .
ثُمَّ يتم تكرار الفكرة هذه في أكثر من مكان مختلف , والنتيجة ستتحطَّم الصخرة بمجهودٍ بسيط .
وبالفعل بعد مجهودٍ مُتبادل من الجميع تمَّ تحطيم الصخرة , وخرجو سالمين جميعاً بفضل فكرة التفتيت للصخرة .
الفكرة الأولى والمخزون الفكري
إقرأ وفكر وتعلَّم
القصة هذه بسيطة ولكنَّها تحمل معاني كثيرة ……..
فأول شخصٍ قال بفطرة طبيعية إنَّ تحريك الصخرةهو أمرٌ مُستحيل بسبب حجمها الكبير , وهذا التفكير من هذا الشخص يدلُ على التفكير الأوليّ أو التفكير بالفطرة .
فأي إنسانٍ يتعامل مع أي موقف يتعرَّض له بُناءاً على مخزونهِ الفكري والثقافي والعِلمي , وحتى العامل الديني أيضاً له دورٌ كبير .
ودائماً ما تكون الفكرة الأولى هي نابعة من العادة الفكرية لهذا الشخص وطريقة تفكيره .
فالشخص المُتشائم مثلاً تجد أول أفكاره دائماً أفكاراً سوداوية , وأمَّا الشخص المُتفائل فتكون أفكاره دائماً مُنفتحة .
والتفاؤل لا يكون بتوقع الأفضل وحسب , بل يكون أيضاً عن طريق عدم الإستسلام لأي مصاعب أو عقبات .
فالشخص الذي يتعامل مع الأمور بتفكيرٍ إيجابي , ويبحث عن حلول إيجابية ستجده يُفكِّر بتلقائية في الحلول , وحتى إنَّه لا يكتفي بحلٍ واحد .
فهذا الشخص الذي استسلم وقال بإستحالة الخروج , هو شخصٌ إعتاد على أن يرى الأمور بمنظور الأبيض والأسود فقط .
فهو لا يُكَلِّفَ نفسهُ عناءَ التفكير والبحث من أجل حل العقبات والمشاكل التي تواجههُ , أو أنَّه لا يُفكِر في كيفية تحسين أحواله .
لهذا كانت ردة فعله الأولى قائمة على الخبرة بالفطرة , وهذه الخبرة بالفطرة أكدت له أنَّ حجم الصخرة كبير ولا يُمكن تحريكه .
فتفكيرهُ هذا يُفيد الأطفال , الذين يُفكرون حسب الفطرة لكي لا يقعواْ بالمشاكل , أمَّا البالغين فلا تكفيهم هذه الأفكار البدائية التي تأتي بالفطرة .
الفكرة الإيجابية من المخزون الفكري
إقرأ وفكر وتعلَّم
وهُنا ننتقل للشخص الثاني الذي قال بخبرته بالتفكير الإيجابي :- ليس هُناك أمرٌ مُستحيل على الإطلاق , الإستحالة تأتي عند الإستسلام .
فهذا الشخص لديه خبرة سابقة في مواجهة المشاكل التي تبدو من الوهلة الأولى بأنَّها مُستحيلة , ولكِنَّه بالتفكير الإيجابي يصل للحلول العديدة .
وهذا مافعلهُ بالضبط عندما استعاد أفكاره بعد الصدمة بإغلاق بوابتهم الوحيدة , وبعد التحكُّم بأفكاره لمواجهة هذا التوتر الشديد الذي أصابهم جميعاً .
ويوجد شخص ثالث أيضاً كان له دورٌ كبيرٌ جداً افي هذا التحطيم الصخري , ذلك الشاب الذي عرَضَ خبرتهُ في عمله بمقلع الصخور من أجل حل المُشكلة .
وهذا الشاب طِبقاً لقسوة حياته العملية في الصحراء وتحطيم الصخور , فإنَّه لم يتحدَّث إلَّا بعد إهتدائهم لقرار التحطيم لهذه الصخرة .
فهذا الشاب تعرَّض لمواقف أسوأ من هذه بكثير , فقد يتم إغلاق فتحة جبلٍ عليهم لعدة أيام , ومواقف أسوأ من ذلك , هذا بالإضافة إلى قسوة هذا العمل في الصحراء .
هذه الأمور جعلت هذا الشاب هو الأكثر طمأنينة بينهم جميعاً , وتركهم يتحدثون فيما بينهم ويُعبِّرون عن قلقهم , بحيث أنَّ أعصابهم قد ثارت وأفقدتهم افكارهم .
وبعدما رآهُم قد اهتدو إلى فكرة التحطيم قال بهدوءٍ شديد :- كُنت أعمل في مقلعٍ للأحجار , وكانت طبيعة عملي هي تكسير الصخور .
حتى انفعل عليه أحد أفراد المجموعة قائلاً :- هل كنت تنتظر إنتحارنا حتى تتكلَّم ؟!!
فرد عليه بهدء :- كنت أنتظر أن تفرغواْ من مناقشاتكم المُتوترة لكي أتحدَّث , فلما اهتديتم إلى الفكرة تحدثت .
فالشاب العامل بالمقلع والشاب الأول الذي قال بأنَّ المستحيل غير ممكن هما موضوع المقال
الخبرات السابقة أنقذتهم
إقرأ وفكر وتعلَّم
فخبراتهم في حياتهم السابقة هي ما أنقذتهم وأنقذت الآخرين .
فالذين يقولون ما فائدة قضاء ساعاتٍ طويلة يومياً في القراءة , أو مافائدة تدريب عقولنا على التفكير الإيجابي مادامت أمورنا تسير على مايُرام .
أو ما فائدة إكتساب مهارة جديدة في الحياة حتى ولو لم أجد منها منفعة على المدى القريب
- كيفية توجيه العقل نحو النجاح
- خمسة أشياء تطرد السعادة من حياتك
- صناعة العبقرية والنجاح المتميز
- ابحث عن الكنز الذي بداخلك
- أسرار النوم للصحة النفسية والعقلية والجسدية
هؤلاء جميعاً مُخطِئون في هذه الإستفسارات , فتدريب عقلك على التفكير أو القراءة أو إكتساب مهاراتٍ جديدة لهم فوائد عظيمة جداً .
فالقراءة هي معلوماتٍ تُخزنها في دماغك لكي تتفاعل مع معلوماتٍ أخرى تجعل منظورك للحياة أوسع وأشمل .
فهي تُعينك على فهم الحياة من حولك , والمعلومات سوف تستفيد منها في ظرفٍ قد يكون مُشابِهاً لموقف غلق المخرج .
وهذا ماعبَّر عنه الشاب العامل حيث قال :- كُنَّا نضرب بالمعاقل على الصخور لأيامٍ من أجلِ تحطيم صخرة واحدة .
حتى جاءنا أحد الجيولوجيين الذين يدرسون الصخور , وشرح لنا طريقة تفتيت الصخور بمجهودٍ بسيط , لكن بتدريبٍ على إستخدام مهارة علمية دقيقة .
فالأمر احتاج إلى معرفةٍ وعلم وتفكير , والنتيجة كانت العمل بمجهودٍ بسيط لكن بفكرٍ ومعرفة وذكاء .
فهذه المعرفة قد وفرت عليهم مجهود كبير , ووفرت لهم أرباحاً كثيرة .
أهمية القراءة والتفكير
إقرأ وفكر وتعلَّم
فالقراءة والتفكير سوف تحتاج لهما في لحظةٍ فارقة في حياتك المستقبلية , كهذه اللحظة التي قرر فيها أحدهم بوجودِ حلٍ لكل مشكلة .
فمثل هذه المواقف تُخرج الإمكانيات الحقيقة لكل إنسان , فمن كانت إمكاناته الفكرية والثقافية مُرتفعة فإنَّ فرص نجاته أكثر .
أمَّا من كانت أفكاره وثقافته محدودة فإن فُرصهُ ضعيفة .
فالشخص الذي يؤثِر الراحة في حياته حتماً سيتعرَّض لمواقف تحتاج منه حِنكة في الفكر والتنفيذ , هذه الحِنكة لا تأتي إلَّا بمجاهدة النفس بالتفكير والقراءة والتدريب .
فإذا أردت الراحة المُستقبلية فعليك أن تتعب من الآن , وسوف تجد النتيجة حتماً في قابل أيامك .
تذكر طالب يؤدي الإمتحان النهائي , هذا الطالب كان يُريح نفسه من عناء المُذاكرة وحضور الدروس التعليمية , ماذا ستكون حالته في الإمتحان ؟!!!
وطالباً آخر كان يجتهد في تحصيل الدروس والمذاكرة , سوف تجده يجلس في قمة الهدوء والطمأنينة وهو يُجيب على كافة الأسئلة .
وكما قيل [ يوم الإمتحان يُكْرَمُ المرءُ أو يُهان ]
فالراحة لن تنفعك وستندم عليها يوماً ما في حياتك , فعليك بأن تجتهد في عملك وفي تخصيص وقتٍ للقراءة وتدريب عقلك .
تنويه هام وأخير
إقرأ وفكر وتعلَّم
وأختم هنا بتنويهٍ شديد أيضاً عن إمتحانٍ آخر سنتعرَّض له جميعاً , وجميعنا يعرف الأسئلة والأجوبة , وهو إمتحانٌ لن يزيد عن بضع دقائق .
إنَّهُ امتحان الآخرة , جميعنا يعلم بالأسئلة التي سيختبرنا بها الملائكة في القبر , لكن من سيستطيع الإجابة ؟!!!
جميعنا نعلم بالحلال والحرام , فمن استعد لهذا اللقاء ؟!!!
نسعى في حياتنا من أجل الراحة في الدنيا وننسى أنَّ هناك خلوداً دائماً إمَّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى العذاب .
فهل سنجتهد في حياتنا في العبادات والطاعات ومُجاهدة النفس الأمَّارة بالسوء من أجل الراحة الأبدية في الجنَّة ؟!!!
الأمر يعود إليكم , فمن آثر الراحة فسوف يخسر الدنيا والآخرة
أنس النجار
تابعونا لقراءة العديد من المقالات المهلمة للنجاح في مدونة استيقظ
مقال جميل