الكثير من الآباء والأمهات لا يهتمون بكلماتهم التي يقذفون بهم أبناءهم .
وأنا دقيقٌ في وصفي لجملة ( كلماتهم التي يقذفون بهم أبناءهم ) , لأنَّ بعض الكلمات تكون كالرصاصة التي يتم قذفها في جسد الأطفال , ولا يتم إخراجها من أجسادهم , لأنَّها رصاصة نفسية يظل أثرها في عقل ونفسية الطفل .
فبعض الأطفال يتعرَّضون لكلماتٍ قاسية من آبائهم وأُمهاتهم , وهما لا يقصدان بهذه الكلمات الضرر بأبنائهم .
فمثلاً طفل يستمع إلى كلمة ( أنت غبي ) أو كلمة ( أنت فاشل ) أو كلمة ( لا أحبك ) ماذا تتوفع أن تكون نفسيته أو عقله ؟ !!
بالطبع لايوجد أب أو أم لا يُحبون أبنائهم , ولكن كلمة ( أنا لا أحبك ) تُقال في لحظة غضب من الطفل بسبب خطأ اقترفه .
وقد يقول له كلمات أو إيحاءات بأنَّه لا يحبه , والإيحاء بالنسبة للطفل يكون تأثيره أقوى بكثير على الطفل بسبب تكوينه الفكري القائم على العاطفة والحنان .
فالطفل شديد الحساسية , وهو في مرحلة التكوين النفسي والعقلي , وعقله الباطن يتلقى الإيحاءات بقوة شديدة , والدليل على ذلك أنَّك تتعجَّب من كيفية شعور الطفل بمن يحبه أو يبغضه .
تأثير الكلمة على عقل الطفل
والعقل الباطن للطفل إن تكررت له الكلمات مثل ( أنت غبي) , أو تمت معاملته بأنَّه غبي , فإنَّ عقل الطفل سوف يستجيب بقوة شديدة لهذه الكلمة أو الإيحاء , وسوف يجعلها حقيقة .
فالطفل سيقتنع بأنَّه غبي , وسيتوقف الإبداع الفكري لديه , لأنَّه طفل لا يفهم مشاعرك حول كلماتك وإيحاءاتك هذه .
فأنت كأب أو أم قد تُريد بهذه الكلمات أن تُحفزه , فتقول له ( أنت فاشل ) , نيتك سليمة بسبب أنَّك تُريد منه أن يتحسَّنْ .
ولكن هذا طفل , هذا طفل لا يفهم هذه الأفكار , هو يفهم المشاعر الموجهة له ويفهم الكلمات فقط .
وعندما تنزعج من أفعاله وحركاته الزائدة , فقد ترتكب في حقه جريمة يفعلها الكثير من الآباء والأمهات , فبعض الآباء والأمهات يريدون أبناءهم مُطيعين ويمتلكون أقصى درجات الهدوء .
والهدوء بالنسبة للطفل عدوٌ قاتل , فالطفل الذي يحيا بالطاعة المطلقة وبإجباره على عدم الأزعاج للأبوين , سوف يحيا شاباً لديه كبتٌ نفسي , قد يجرُّه إلى طرقٍ ضائعة عند شبابه .
فعليكم أن تتمهلو وتصبرو على أبنائكم , ولا تتمنُّو منهم أن يكونو ناجحين , وأنتم تقتلوهم نفسياً وفكرياً .
تأثير الإفراط في الضرب
ولا تتعجَّلو بعقابهم بالضرب على كل شيئ , فإياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تعتادو على توبيخهم وضربهم لأبسط الأشياء , لأنَّ هذا هو أعظم جريمة ترتكبونها في حقهم , ولسوف تندمون عليها إن عاجلاً أو آجلاً .
فإنَّ الإفراط في التوبيخ والضرب سوف يؤدي نتيجة عكسية تماماً , وليس كما تُريدون , فلو أنَّك كأب أو أنكي كأم أفرطت لطفلك في التوبيخ والضرب لكي يطيعونكم مثلاً , فسوف يزداد تمردهم عليكم أكثر على المدى البعيد .
وإن إستجابو بدون تمرُد فهذا معناه بأنكم نجحتم في قتلهم نفسياً .
قصة فشل مخترع شهير
دعوني أروي لكم قصة واقعية حدثت مع طفلٍ منذ زمن بعيد , وكيف تحول هذا الطفل من طفل فاشل وغبي , إلى أهم وأشهر مخترع في العالم .
هذه القصة عن طفلٍ أجهد المدرسين معه في المدرسة , والنتيجة أنَّهم فقدواْ فيه الأمل , فأرسلو إستدعاء لوالدته وخطابٍ كان محتواه أنَّ هذا الطفل لا يستطيع عقله أن يستوعب الدروس , ولا يمتلك العقلية التي تؤهله لإكمال التعليم .
حتى إنَّهم وصفو هذا الطفل بأنَّ دماغه كالبيضة الفاسدة , وهذا تعبيراً عن غباء الطفل .
وطلبو في نهاية الخطاب من الأم بأنْ لاتُرسل الطفل للمدرسة مرة أخرى , فقد تم فصله نهائياً , فلا رجاء فيه .
إستلمت الأم هذا الخطاب وهي تبكي على إبنها الذي كان يُريد الذهاب للمدرسة مثل أصدقائه .
قالت له الأم :- إنَّ المدرسة ترى أنَّ ذكائك مرتفع عن باقي الطلبة , والمدرسة ليست من مستواك العقلي .
هذه كلماتٍ كاذبة من الأم , ومجَّدت هذه الكذبة بأن أحضرت لإبنها الكتب وطلبت منه أن يدرس في البيت ويقرأ العديد من الكتب لكبار الكُتاب والمُفكرين .
وطلبت منه أن يهتم بالإختراعات والإكتشافات …..
وماهي نتيجة هذا الإيحاء من الأم ؟!!
أتدرون من هو هذا الطفل ؟ !!
إنَّه توماس أديسون , نعم كما قرأت عزيزي القارئ , إنَّه المُخترع الكبير توماس أديسون .
هل اقتنعت الآن أيها الأب وأيتها الأم بقوة الكلمة ؟ !!
يكبر أطفالكم وتحزنون على فشلهم وإكتئابهم , وقد تكونون أنتم السبب .
الأب والأم هما العالم بالنسبة للطفل , فإنَّه يعرف العالم من خلالكم أنتم .
إحذرواْ من كلماتكم إليهم .
إرشادات لجعل طفلك ناجحا
ولابد أن تُعطوهم الفرصة للتفكير والقرارات , أنتم تُفكرون لهم من أجل مصلحتهم , وهذا لاخلاف عليه .
ولكن يجب أن تتناقشو معهم , فالمناقشة وتبادل الآراء مع الأبناء يُعزِّز شخصيتهم وأفكارهم .
فلا تتكبَّر على طفلك حينما تكون مُيقناً من رأيك , إستمع له أولاً ثمَّ تحدَّث معه , وقل له بأنَّ تفكيرك صحيح ولكنني أرى كذا وكذا …
الطفل سيقتنع برأيك ولكن سيكون قد أثرى عقله بأفكارٍ ومعلومات وتجارب عن الحياة من خلال هذه المناقشة , واكتسب ثقة كبيرة في نفسه .
فإذا لم تُعطه فرصة للتفكير الآن فمتى سيُفكر ؟ !!
كذلك لا تدخل مع أبنائك في منافسة , بمعنى أن تُحاول دائماً أن تنتصر عليهم في كل وقت , وأن تُحارب لإقناعهم بأنَّهم لولاك ما استطاعو أن يفعلو كذا أوكذا ….
- كيفية توجيه العقل نحو النجاح
- خمسة أشياء تطرد السعادة من حياتك
- صناعة العبقرية والنجاح المتميز
- ابحث عن الكنز الذي بداخلك
- أسرار النوم للصحة النفسية والعقلية والجسدية
هؤلاء أبنائك وليسو خصومك , تذَّكر ذلك , وحاول أن تبتكر شيئاً يجعلهم ينتصرون به عليك , فهذا الأمر له أعظم التأثير عليهم وعلى شخصيتهم وتفكيرهم ومستقبلهم .
النبي الكريم والسيدة عائشة
النبي الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) كان يتسابق مع زوجته السيدة عائشة ( رضي الله عنها ) وقد سبقها مرة , وفي المرة الثانية جعلها تسبقه .
هذا ما فعله سيد الخلق سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) مع زوجته , فما عذرك أنت تفعل أنت أو أنتي مع ابنك أو بنتك ؟ !!
ولا تتفضَّل عليهم بإطعامهم وإحضار أفضل الألبسة والألعاب وغيرها , فإنَّ هذه الأمور واجبة عليك ولستَ مُخيراً بها , ومع ذلك إن فعلت فإنَّ لك الأجر العظيم عند الله تعالى .
إبحثو عن ما يُبدعون فيه وساعدوهم على تنميته لكي ينجحو في حياتهم .
وإذا تعرَّضو للفشل في أي شأن في حياتهم , فلا توبخهم وتكتفي بذلك , فالتوبيخ يأتي بعد ممارسة العديد من المحاولات .
إصبر على فشلهم وحاول معهم تجربة كل ما هو متاح لك من أجل مساعدتهم لتحقيق النجاح .
الطفل كما قلت إنَّه يرى العالم من خلالكم , لن يولَدْ وهو متفوق بطبعه , فهذه حالات نادرة .
ولكن لا تنتظر منه النجاح بمفرده ثم تأتي لمحاسبته , عليك إن تمد له يد العون والمساعدة .
ليس إنجازاً منك أيها الأب أو أيتها الأم أن تُنجبو الأطفال , فإنَّ الإنجاب يأتي بإرادة الله , فهو سبحانه وتعالى الذي يُحول الحيوانات المنوية منك إلى طفلٍ في رحم زوجتك , ثم يأتي طفلاً كما أراد الله .
فليست مهمتكم بالإنجاب فقط , بل إنَّ إنجاب الطفل هو هدية من الله تعالى لكم .
وبعدها تأتي مهمتكم في الرعاية والتربية والنُصح والتوجيه , عندَّها تكونو قد أديتم أمانتكم نحو أبناءكم وبررتم بهم صغاراً , ليبرو بكم كباراً .
أنس النجار
زورو موقعنا لقراءة العديد من المقالات والقصص المُلهمة للنجاح
فعلا كلماتك هي مستقبل ابنائك.. ربنا يحفظهم ويراعهم يارب 🌹❤️