إجلس مع نفسك كل يوم ساعة وحاسب وراجع فيها نفسك .
إسأل نفسك بعض الأسئلة التي يجب أن تبتكرها بنفسك لمعرفة مدى تقدمك في حياتك اليومية .
فالأسئلة كثيرة وهي مُتغيرة حسب شخصية كل فرد , وحسب هدفك في حياتك , وحسب الظروف المُحيطة بك , ولكن هناك أسئلة ضروري يجب على الجميع أن يسألها لنفسه وهي ……
*ماذا قدَّمت اليوم منذ أن استيقظت وحتى هذه اللحظة ؟!!!
ثُمَّ تناول ورقة وقلم لكي تُدَون بها كل إنجازاتك لهذا اليوم , وكل إخفاقاتك , وكلَّ ما ترى ضرورة تعديله أو تطويره أو إستبداله .
* ثُمِّ قارن يومك هذا بالأمس , وحدِد جيداً ما هو مستوى تقدُّمك لهذا اليوم عن الأمس .
هل تم التقدُّم عن الأمس أم لم يتم التقدُّم , وحاسب نفسك لماذا لم تتفوق عن الأمس ؟!!
وما الذي أعاقك ؟ …. وما الذي لم يجعلك تصل لهدفٍ ما في يومك ؟!
وبالطبع يُمكنك أن تجعل هذه المناقشة الذاتية كل أسبوع لقياس مدى تقدُّمك في هذا الأسبوع عن الإسبوع السابق له , ففي البداية إجعلها إسبوعية
هذه الطريقة قد تبدو لك حمقاء , ولكن صَدِّقني حين أقول لك أنَّها ستُغير حياتك تماماً .
وقد فعلها توماس أديسون من قبل ولكن وبطريقة أخرى يُمكنك تنفيذها بعد نجاح هذه المرحلة .
فقد كان يُجبر نفسه وفريقه على إختراعٍ صغيرٍ كل عشرة أيام , وإختراعٍ كبيرٍ كل ستة أشهر , وذلك لضمان إشغال عقله وإلزام نفسه على التقدُّم وعدم الإنسحاب من مسيرة إكتشافاته .
الغرض الحقيقي من التدوين
والفكرة في التدوين ببساطة لاتتعلَّق بجلسة محاسبة الذات , وإنَّما الغرض الحقيقي هو إجبار نفسك على التطور والتقدُّم .
فإنَّ النَّفس البشرية تميلُ دائماً للراحة والإستسهال , والنجاح عدو الراحة والإستسهال .
ولا يُمكنك أن تُقرر النجاح دون أن تكون لديك العزيمة القوية على مُحاربة هوى نفسك .
فكما أنَّ المسلم عليه أن يجاهد نفسه التي تميل إلى إتباع الشهوات , من أجل نيل رضا الله تعالى والنجاح في الآخرة
كذلك في الحياة يجب مُقاومة النفس لإجبارها على الإلتزام بقواعد وخُطة من أجل تحقيق النجاح في الدنيا .
وهنا قد تسألني سؤالاً وتقول :- ما الفائدة من التدوين في الورقة اليومية أو الأسبوعية ؟
ثُمَّ تُكمل حديثك مُبرِراً بأنَّكَ تستطيع إلزام نفسك على خُطة يومية من أجل تحقيق النجاح دون الحاجة إلى التدوين والمُحاسبة.
وأنا لا أُشكك في عزيمتك وإصرارك عزيزي القارئ , ولكن إلزام نفسك بدون تدوين ومُحاسبة سيجعلك بعد فترة تتراخى في تنفيذ المهام , وهذه هؤ الطبيعة البشرية , فالتدوين هو عملية عقلية وليست كتابية فقط .
فالعقل يتفاعل أكثر مع الكتابة والتسجيل , وأنت بالتأكيد قد جرَّبت هذا الأمر حينما كنت تُذاكر أيام الدراسة الإعدادية والثانوية والجامعية , لأنَّ التدوين هو أوثق إشارة تُرسلها للمخ من أجل أن يتفاعل معها .
وأيضاً هي طريقة قوية لإيمان العقل الباطن بما تُريد تأكيده بالكتابة حتى يُصبح حقيقة يُطبقها عقلك الباطن .
وقد يُقاطعني أحدكم ويقول بأنَّ هذا الأمر سيكون صعباً !
وسأرد عليه بسؤال :- هل قرأت مقدمة المقال جيداً حين قلت بأنَّ النجاح عدو الراحة والإستسهال ؟!!
ومع ذلك فسوف أقوم بتبسيط الأمر لك , ليس لكونه صعباً , ولكن لإقناعك بأنَّك لا زلت لا تُريد فعل ذلك .
اهمية الإلتزام الديني
والآن جاوبني :- لماذا أمرنا الله تعالى بأداء الصلوات الخمس في أوقاتٍ مُحددة ؟!
الإجابة الطبيعية والمنطقية هي :- بأنَّنا مأمورين بطاعة الله تعالى , وطاعته جزء من الإيمان به .
وهذه حقيقة لا جدال فيها , ولكن دعني أسألك عن الصيام , لماذا نلتزم بالصيام من الفجر للمغرب ؟
لماذا أمرنا الله ورسوله بغض البصر , وحُسن الخلق , وكف الأذى , وغيرها الكثير من الأوامر والنواهي التي لا تُعد ولا تُحصى …..
لا ترمقني بهذه النظرات أو تعتقد عني هذه الأفكار , فأنَّا أحثُّك على الإلتزام بجميع الأوامر والنواهي التي شرَّعها لنا الله ورسوله الكريم ( صلى الله عليه وسلَّم )
فكل أمرٍ أو نهي له أسبابٍ علمية أو نفسية أو فكرية أو صحية , وجميعها لصالح الإنسان .
ولكن سأكتفي أن أقول لك ما هو مُرتبطٌ بهذا المقال …….
ألا وهو السر الأعظم الذي جعل المسلمون الأوائل سادة العالم في جميع مجالات الحياة لعدة قرون خلت .
ماهو السر ؟
هل فهمت هذا السر ؟!
إنَّه الإلتزام , ولا أقصد الإلتزام من الناحية الدينية , وإنَّما الإلتزام في كافة مجالات الحياة .
إنَّ بعض المُصابين نفسياً بمرض الإسلام , يُحاولون دعوة الناس إلى التحرر من هذا الدين المليئ بالقواعد والضوابط والأوامر والنواهي .
وقد ختم الله على عقولهم لرؤية الحقيقة الكاملة , فإنَّ الله تعالى هو الأعلم بالنفس البشرية , والأعلم بما ينفعها وما يضرها , ومن هذه المنافع أن جعل كل مسلم رقيباً على نفسه .
فكل مسلم أو مسلمة يقع على عاتقهم مسؤوليات يومية , من الإلتزام بمواعيد الصلوات , وكيفية التعامل مع الغير في كافة المجالات .
فالإلتزام وإجبار التفس هو ليس طريق السعادة في الآخرة فقط , بل هو أيضاً طريق النجاح والتفوق في الدنيا .
فأول وأفضل وأسهل شيئ تفعله من أجل الإلتزام للنجاح هو بطاعة ربك , من أجل النجاح لنيل رضاه وجنته , وأيضاً هذا الإلتزام سيُنبت فيك قوة التحكم في نفسك وفي أفكارك وفي مشاعرك وفي تصرفاتك .
عندها سيكون التدوين اليومي أو الأسبوعي لك شيئاً تافهاً , وعندها سيكون النجاح أسهل بكثير .
لأنِّكَ مهما كان هدفك في حياتك صعباً , فسوف تراه سهلاً هيناً بعد طاعة ربك عز وجل .
مأثورة للفاروق عمر
وأعظم ما قيل في هذا الأمر هو قول الفاروق عمر ابن الخطاب ( رضي الله عنه ) حين قال { حاسبواْ أنفسكم قبل أن تُحاسبو , وزِنو أنفسكم قبل أن توزَنو , فإنَّه أهونَ عليكم في الحساب غداً أن تُحاسِبو أنفسكم اليوم , وتزَّينو للعرض الأكبر , يومئذٍ تُعرضون لا تخفى منكم خافية }
فالحساب والرقابة الذاتية هي الأصلح لك في الدنيا والآخرة , فاجعل هدفك النجاح في الدنيا والآخرة لكي تحيا أسعد الخلق وأنجحهم .
أنس النجار
زورو موقعنا لقراءة المزيد من القصص والمقالات المُلهمة للنجاح