كثيرٌ منَّا لديه أهداف وطموحات , وقد يكون لديك عزيزي القارئ هدف تُريد تحقيقه , وتسعى لتحقيقه على مدار أعوام من العمل والتخطيط والمجهود الكبير .
وعندما تنجح وتُحقق هذا الهدف تكون في قمة السعادة والنشاط , ثمَّ بعد فترة تقل السعادة والنشاط , فتُصبح حياتك يملؤها الملل .
وقد تجلس مع نفسك يوماً ما وتُفكر في أعوامك ومجهوداتك التي قضيتها من أجل تحقيق هذا الهدف , وها هو بين يديك الآن , فماذا بعد ؟!!!
فهذه الحياة قد مرَّ بها الكثير من الأشخاص الذين جعلو حياتهم كلها تتوقف على هدفٍ واحد فقط .
فهناك شخصٌ آخر يجلس مع نفسه قليلاً ليُفكر في طريقة تحقيق هدفه , فيتذكر إنجازاته التي حققها طيلة أعوام من الكفاح ليستطيع تحقيق هذا الهدف , فيتباهى بنجاحه وتزداد عظمته في نفسه , فيرى نفسه قد امتلك العالم بتحقيق هدفه هذا , فلا حاجة له ليُجهد نفسه في تحقيق هدف آخر .
بيل غيتس والنجاح
يقول بيل جيتس :- إنَّ النجاح معلم فاشل , لأنه يُغري الناجحين لكي يظنَّو أنَّهم في مأمنٍ من الفشل .
وهذه هي الحقيقة التي يقع فيها الكثيرين , فعندما يُحققون هدفاً في حياتهم فإنَّهم يتوقفون عند هذه المرحلة .
فمثلاً قد يكون لديك حلم بالحصول على بطولة في الكاراتيه , فتتدَّرب كثيراً من أجل الفوز بهذه البطولة , والتي تُحققها وتفوز بها وترى نفسك أصبحت بطلاً , فتكتفي بهذه البطولة , رغم وجود العديد من البطولات الأخرى التي عليك أن تجعلها ضمن أهدافك .
فالإستقرار على نجاح واحد هو أكبر عدو لك في حياتك .
هناك درجات من النجاح عليك أن تصعدها درجة درجة , فإذا حققت هدفاً في حياتك فلا تتوقف عنده , بل إجعل هدفك الأول هو الحفاظ على نجاحك , فقد تُنسيك سعادتك بنجاحك هذا أن تُحافظ عليه .
كفريق كرة القدم الذي يتقدم على خصمه بثلاثة أهداف مقابل صفر (3-0) وفي الدقيقة ال ( 70 ) يبدأ الفريق الفائز بالتعامل مع الخصم بثقة عالية , ويلعبون وهم واثقين من نجاحهم وينتظرون نهاية المباراة لكي يحتفلو بالفوز .
والنتيجة أنَّ الفريق الفائز قلَّ مجهوده وقلَّت مهارته , وبدأ مستواهم في الملعب بالنزول شيئاً فشيئاً , حتى إستفاق الفريق الآخر واستغلَّو ضعف إمكانيات الفريق الفائز , فحققو التعادل (3-3) ثمَّ في الأشواط الإضافية يُسجلون هدف الفوز .
فالحياة لُعبة كبيرة تُشبه كرة القدم , فالثقة والإكتفاء بالنجاح هو بداية الفشل .
لا تجعل لنجاحاتك نهاية , إجعل الموت فقط هو المانع لك من سلسة نجاحاتك .
الثقة بالنفس والنرجسية
فالثقة بالنفس مطلوبة , ولكن هناك فرق بين النرجسية والثقة , فحب الذات والتفاخر بنجاح واحد , ثمَّ التغني بهذا النجاح , سوف يجعل منك أعمى عن نجاحات أخرى , فإذا أصابتك عظمة الإنجاز فسوف ترى أنَّك حققت ما يجعلك مكتفياً به طوال حياتك .
والحقيقة أنَّك أعمى تماماً عن الإنجازات التي يجب أن تُحققها فيما بعد .
إذا حققت هدفاً في حياتك , فعليك أن تجعل هذا الهدف في تقدم مستمر , ثم تجعل من هذا الهدف الذي حققته مرحلة , بمعنى أنَّه كان هدفاً وقد نجح , والآن عليك أن تنتقل لمرحلة أخرى من أهدافك .
فإذا حصلت على بطولة الكاراتيه مثلاً في دولتك , فيجب أن تجعل أولوية أهدافك أن تُحافظ على هذا اللقب , ثم بعدها تجعل هدفك الآخر أن تفوز ببطولة كاراتيه في قارتك , ثم بعدها تضع عينيك على بطولة العالم للكاراتيه , وتجتهد أكثر في كل مرحلة , ثم إذا حصلت على بطولة العالم تجعل هدفك تحقيق أكثر عدد من البطولات , وتحقيق أرقام قياسية عديدة في رياضة الكاراتيه .
عندها لن تشعر بالملل لأنَّك حققت هدفك وليس هناك جديد تعمل وتجتهد من أجله .
وأيضاً لن تُصيبك لعنة العظمة بنجاحك , لأنَّك خلقت لنفسك هدفاً آخر ستعمل على تحقيقه , وعند الإنتهاء منه ستجد هدفاً آخر , وهكذا هي الحياة التي يجب أن تكون .
لكن يجب أن تكون أهدافك مُترابطة , تكون كسلسة لاتتوقف ومُترابطة , فلا يكون هدفك الأول بطولة كاراتيه مثلاً , ثم يكون هدفك الثاني أن تحصل على بطولة تنس , فهذا ليس هدفاً ثانياً , بل هذا تشتيت وضياع أهداف , فيجب التناسق بين الأهداف , بمعنى أن يكون هدفاً واحداً وأنت تُطوره , تنجح في المرحلة الأولى , ثم تبحث ان النجاح في المرحلة الثانية , ثم الثالثة , وهكذا ……
فدائماً وأبداً إجعل لنفسك هدفاً لتُحققه , ثم إنتقل لمرحلة الحفاظ على هذا الهدف ( ولا تُكرر ماوقع فيه فريق كرة القدم الفائز الذي ذكرته ) , ثم بعدها إخلق لنفسك هدفاً آخر .
فإذا توقفت أهدافك في الحياة فقد توقفت حياتك وأصبحت ميتاً ولكنك تتنفس .
انس النجار
تابعونا في العديد من المقالات والقصص الملهمة للنجاح في مدونة إستيقظ