أنا يحيى عبد السلام دكرور مؤلف لمجموعة من كتب التحفيز والنجاح , ومُحاضِر في العديد من اللقاءات والندوات الثقافية عن النجاح والتنمية البشرية .
وقد أحببت أن أُشارككم قصة كفاحي , والتي بدأتها من الفشل وتحولت إلى النجاح , عسى أن تستفيدواْ منها في حياتكم .
وقد أحببتُ أن أذكر لكم أحداث كفاحي على أجزاء , كل جزء سأتناول فيه هدف علمي أو حل مشكلة ما , وسوف يكون سرد الأحداث بُناءاً على حل مشكلة أو بحث عن النجاح في كافة مجالات الحياة .
وقد أحببتُ تسمية هذه المذكرات باسم ( صعود ) لأنَّها ستتناول صعودي من قاع الفشل إلى قمة النجاح .
وقصتي الأولى ستكون عن الفشل والإحباط وعدم الرغبة في الحياة , وسأذكر لكم كيف كنت مُحبطاً ولا رغبة لي في فعل أي شيئ ولا أي رغبة في الحياة .
ثم كيف قمت بعلاج هذه المشكلة , ووقفت على الأسباب المؤدية لها .
لا داعي للممقدمة أكثر من هذا , وإلى قصة اليوم ……
بداية المغامرة
فقد كنت شاباً ضائِعاً مُحبطاً تعيساً , لا رغبة لي في الحياة ولا رغبة لي في النجاح .
وقد قررت أن أنتصر على نفسي وأُحارب هذا الإحباط والفشل لكي أُحقق النجاح والسعادة في حياتي .
وبدأت بمُتابعة دورات عن التحفيز والنجاح , وقراءة بعض الكتب لتحقيق هذه الغاية .
وقد تبَّينَ لي يقيناً بعد البحث والتفكير العميق أنَّ أسوأ العقبات التي أواجهها في حياتي هي الإحباط وعدم الرغبة في النجاح وعدم الرغبة في الحياة بصفة عامة .
وهنا كانت بداية المعركة , فقد حددت هدفي الأول .
وأخيراً أصبح لي هدف .
كنت أبحث في الكتب والدورات التعليمية .
وقد أغفلت حقيقة قد سمعتها من أحد رواد التنمية البشرية عن أنَّ النجاح يكمن في أبسط تفاصيل وأحداث حياتنا اليومية .
وأنَّ النجاح يكمن في كافة تفاصيل حياتنا اليومية , لكن علينا أن نفهم الأشياء من حولنا , ونبحث بمهارة عن أدق التفاصيل التي تؤهلنا للنجاح .
وقد قررت أن أفهم الحياة من حولي عسى أن أجد الحل .
ولم أكن أعتقد أنني سوف أجد الكثير من الأمور التي كنت أُعايشها يومياً , وكنت غافلاً عنها .
البحث عن الزواج
فعندما قمتُ بزيارة أحد أصدقائي , والذي أجرى جراحة في قدمه , اكتشفت أمراً لم يخطر لي من قبل .
فهذا الصديق كان رفيق طفولتي , وكانت حياته قبل الزواج تُشبه حياتي , حيث كان يعيش حياته دون رغبة لأي شيئ , وكان مُهملاً في نفسه تماماً .
ولكنَّني تفاجأت عند زيارتي له رغبته القوية في الشفاء , وهذا أمرٌ غريب عليه .
وعندما استمعت إليه وهو يتحدث معي ومع من كان حاضِراً , اكتشفت وأنا صامت وأفكر بكلامه برؤيتي الجديدة أنِّ هناك سبب لإرادته القوية في الشفاء .
إنَّه الآن ربُّ أسرة مكونة من زوجة وولد وبنت , وهو يعمل مُقاولاً ويحتاح لقدمه أن تكون سليمة لكي يعود للعمل .
رُغم كونه غير سعيد في عمله , إلَّا أنَّه أصبح لديه هدف في هذه الحياة , وهو إعالة أسرته .
فهل هذا هو سر إختفاء تعاسته وإحباطه والذي كان مُصاباً بهما قبل الزواج ؟!
والإجابة عن هذا السؤال لم تكن سهلة لدي , فأنا حينها كنت أعزباً ولم تكن لي رغبة في الزواج .
وهنا سألت نفسي عن سبب عدم رغبتي في الزواج ….
هل قلة الموارد المالية هي السبب , أم أنني أتهرب من تحمل أعباء أسرة ؟
وفي الحقيقة أنا لا أريد إمتلاك المال بكثرة .
فلا أدري رفضي للمال حينها كان بسبب أنني لا أعلم ماذا سأفعل به أم هناك سبب آخر ؟!
وقد قررت أن أجعل لنفسي هدف في الحياة , وهو جمع المال والزواج .
ولكن حدث ماجعلني أُغَير هذا الهدف .
فالمغامرة لم تنتهِ بعد ….
البحث عن المال
ففي الليل زارنا خالي , وهو مالك معرض أجهزة كهربائية وأدوات منزلية , وتحدَّثَ هو وأمي (شقيقته ) عن أحوالهما .
وأوقفتني إجابة خالي حين سألته أمي عن سبب إهماله في حضور المعرض كما كان يفعل في السابق , وأنَّه لم يعد يمتلك الحماسة والشغف اللتان كان يتمتع بهما .
أجابها خالي قائلاً :- ماذا أفعل ؟
لقد تشابهت الأيام عندي , وحققت ما أريد , فقد أصبح المعرض مشهوراً وله زبائن كثيرين , وأرباحي جيدة , ولم يعد لي رغبة لفعل شيئ جديد , ولا أُريدُ شيئاً آخر .
زادت حيرتي بعد سماع هذه المناقشة .
إن كنت أريد جعل هدفي هو جمع المال , فهذا خالي قد حقق هدفه وعاد لنقطة الإحباط .
فهل سأسير نحو تحقيق هدفي ثم أعود إلى نقطة الإحباط هذه فيما بعد مرة أخرى ؟!!!
أم أجعل هدفي هو الزواج فقط , وأتزوج وأنا ليس لي مقدرة مادية .
وإذا مرضت قليلاً تتوقف الحياة كما حدث لصديق طفولتي ؟!!!
أم أعتزل كل شيئ وأتفرغ لعبادة الله تعالى ؟!!!
البحث عن التدين
ففي اليوم التالي كنت أستمع لخطبة الجمعة , وأنا في الحقيقة لستُ من الذين يُنصتون لخطبة الجمعة بتركيز قبل ذلك اليوم .
أمَّا هذا اليوم فكنت في مُغامرة التركيز وفهم مايدور من حولي .
وشاء القدر أنَّ إمام المسجد يتحدث عن الجنة ونعيمها , وأنَّ مصاعب الحياة كلها ستزول عند من يجعل الجنَّة ونعيمها نصب عينيه دائماً .
هنا قد تغيرت فكرتي أكثر عن محاربة الإحباط والتعاسة , فالمؤمن الذي يسير على هدى الله وطاعته يحيا سعيداً لأنِّ لديه هدفٌ عظيم وكبير , ألا وهو الجنة .
وهنا اختفت حيرتي في تحديد هدفي في الحياة , فقد قررت الإلتزام والسير على طاعة الله والتقرب منه , والإبتعاد عن مطامع الحياة والسعي فيها .
ولكنني تذكرت حديثاً من أحاديث الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله …
والتي كان يتحدث في أحدهما عن أهمية السعي في الحياة لتحقيق الخلافة في الأرض .
إذ أنَّه شرح بأنَّنا مُكلَّفين بتعمير هذه الأرض , ولابد من النجاح والسعي في الحياة من أجل تحقيق غاية الإنسان , وهي الخلافة في الأرض .
قال تعالى{ وَإذْ قَالَ ربُكَ لِلمَلئِكةِ إِنِّي جَاعلٌ في الأَرْضِ خَليفَة}
زادت حيرتي أكثر وأكثر وشعرت بأنَّني غارقٌ في بحر مُضطرب الأمواج .
فلم أستطع النوم في هذه الليلة بسبب التفكير , وفي الصباح ينتظرني عملي المتواضع في الشركة , فقد كنت أعمل مُحاسباً براتب يكفيني بالكاد .
ذهبتُ للعمل كعادتي ولم أنال القسط الكافي من النوم , وكانت أعراض القلق والأرق والسهر على وجهي يُلاحظها الجميع .
وقد لاحظ صديقي المقرب في الشركة ويُدعى ( تامر) آثار الأرق والإحباط في وجهي فسألني عن حالي وما ألَّمَ بي .
ترددت في البداية بإخباره بالأمر , إلَّا أنَّ قوةً بداخلي جعلتني أقصُ عليه ما حدث معي .
ولم أكن أفهم مالذي دفعني لإخباره بكل هذه الأسرار , فلم أكن معتاداً على تبادل الأسرار معه .
وعندما أخبرته فهمت ما الذي دفعني لإخباره , فإنَّ إرادة الله تعالى هي التي دفعتني لإخباره .
رحلتي مع الدكتور مصطفى
لأنَّهُ قال لي بأنَّهُ يتابع مقدم دورات في التنمية البشرية , وقد يُساعدني في تحضير لقاء خاص معه قبل بدء الدورة المُعتادة .
وبالفعل اتفقت معه على الساعة ال ٩ مساءاً , فقد كانت الدورة تبدأ في العاشرة .
وقد تحدث مع الدكتور مصطفى درويش , وهو أستاذ علم نفس , وتَفرَّغً لإلقاء محاضرات في التنمية البشرية والنجاح , وكان يُلقي المحاضرات التدريبية في إحدى القاعات الشهيرة , وهي مُتاحة للجميع .
ولمعرفةٍ قديمة بين تامر والدكتور مصطفى , فقد اتصل به تامر واتفقا على اللقاء به قبل المحاضرة بساعة .
وفي تمام التاسعة وصلنا لغرفة الإستعداد الخاصة بالدكتور مصطفى , والذي يستعد فيها قبل الخروج لإلقاء المحاضرة بالقاعة .
وقد أعانني صديقي تامر في الإعداد لهذا اللقاء , فلم يكن بالسهولة إجراء مقابلة شخصية مع الدكتور مصطفى , أو لعلَّ الله تعالى بإرادته يَسَّرَ لي هذه المقابلة .
وبدون الدخول بتفاصيل كثيرة , فقدْ قَصصتُ على الدكتور مصطفى كل شيئ , وعن الأفكار التي راودتني في المواقف التي تعرضتُ لها .
وقد حاولتُ أن أختصر في حديثي قدرَ المُستطاع , وذلك بسبب تنويه مدير أعمال الدكتور مصطفى عن ضيق الوقت .
وبالفعل أنهيتُ حديثي بإنجاز .
وفجأة وجدت الدكتور مصطفي يبتسم لي وعلامات الحيرة في وجهه , فقد تغيرت ملامحه ونظراته لي فجأة .
وهنا تدَّخل تامر لمحاولة الإستفسار عن السبب , وأنا بدأتُ بالقلق من نظراته وابتسامته المُريبة .
فقد بدا لي بأننَّي أخطأتُ في أمرٍ ما , وسألته صراحة بسبب قلقي وقلت له …
هل أخطأتُ في شيئ يادكتور ؟!!!
فلم يُجبني , ثم قال :- هل لديكم حجز لحضور الندوة ؟
فارتبكتُ من سؤاله , ورد عليه تامر قائلاً :- أنا لدي حجزٌ يادكتور , لكن عندما أردت أن أحجز ليحيى لم أجد مقاعد فارغة .
فنادى على مدير أعماله وقال له :- إحجز مقعدين لتامر وصديقه يحيى .
قلت وأنا أشعر بريبة وشك :- ماذا حدث يادكتور ؟
قال :- ستعلم يا يحيى .
فقال تامر :- الساعة الآن التاسعة وعشرون دقيقة , وأعتقد أنَّ هناك مُتسعاً من الوقت لأن توجه ليحيى إرشاداً يُساعده في …..
وقبل أن يُكمل تامر حديثه قاطعه الدكتور مصطفى قائلاً :- إتجهو للقاعة الآن مع مدير أعمالي .
يتبع بإذن الله تعالى في الجزء الثاني من هذه المغامرة …….
أنس النجار
تابعونا لقراءة العديد من المقالات والقصص الملهمة للنجاح في مدونة استيقظ