الفرق بين الناجح والفاشل
الفرق بين الناجح والفاشل

 إثنان من الأصدقاء بنفس العمر , كل منهم له طموحات وأهداف يسعى لتحقيقها , وهما شابان مثقفان ولديهما العديد من المواهب الفكرية المتنوعة , حيث يقرأون كثيراً ويشاهدون الكثير من البرامج والدورات التدريبية للنجاح  .

الجميع يشهد لهما بالذكاء والتفوق الدراسي منذ طفولتهما , ويمتلكان غريزة الإصرار والكفاح من أجل النجاح  .

ولكن أحدهما حقق نجاحات في حياته , ونجاحاته في إرتفاع دائم  .

أما الآخر فحياته بسيطة متواضعة النجاح , رُغم ذكائه وثقافته وكفاحه , وظلت حياته تقل في البساطة حتى أصبح مُحبَطاً من عدم تحقيق أي إنجاز في حياته  , على عكس صديقه الآخر .

أسمعك الآن عزيزي القارئ وأنت تقول إنه النصيب أو القدر أو الحظ  .

ولا أُنكر أنَّ لكل شخص قدره في هذه الحياة , كما لا أُنكر أيضاً وجوب السعي  .

وها أنت تُقاطعني مرة أخرى , فلقد تمسكت بكلمتي عن السعي , وأنت على حق في قولك أن الشاب كان يسعى جيداً .

نعم أنا قلت ذلك , لكن أريد أن أسألك الآن بما أنك قاطعتني أكثر من مرة ..

هل السعي بالعمل فقط , هل السعي معناه أن تعمل وتجتهد في العمل وتقرأ …فقط ؟!! 

هل سمعت بمقولة ( حسن , أحسن ) 

إنها مقولة تُعني أن هناك مقبول وهناك جيد , وهناك الجيد وهناك الممتاز  .

درجة السعي تختلف عزيزي القارئ  .

ولولا مقاطعك لي لأكملت لك حديثي , ولكن بما أنك مُتَعجِل , فسوف أضرب لك مثالاً بعيداً عن هذين الشابين , ولكي نعرفهم جيداً سنسمي الشاب الناجح بالشاب( أ )والشاب قليل الحظ من وجهة نظرك بالشاب ( ب ) .

قصة الشاب الجامعي

حيث كان هناك شاب جامعي شديد الذكاء , وكان مُلهماً بعلم النفس ويخطط لنيل الدراسات العليا في علم النفس بعد التخرج من شدة حبه له  .

كان الشاب يقرأ كثيراً عن هذا العلم , حتى إنه كان يناقش نظريات عديدة مع أساتذته في الجامعة , وكان يُذَّكِرهم ببعض النظريات التي ينسونها , ووصل به الأمر أنه بدء في إعداد نظريات في علم النفس من إبتكاره .

وكان يُبهر زملاءه الطلاب بمعرفته عن هذا العلم وأيضاً بأنه ابتكر نظريات بنفسه  .

ولكن عند التخرج فوجئ هذا الطالب وفوجئ الجميع بأنه ليس من ضمن الطلبة المُتخرجين , فلقد رسب هذا الطالب في السنة النهائية , بسبب مشاريع البحث التي أعَدَها , والتي كانت من تأليفه  .

وعندما قدَّمَ إلتماس من أجل إعادة  تصحيح إجاباته وأبحاثه , كانت النتيجة كما هي  .

رسوب الطالب بلا خلاف  .

وهنا تَدخل أحد أساتذته في الجامعة ليُفسِر له سبب رسوبه حيث قال له:- 

أنت ذكي جداً ولديك معرفة كبيرة جداً في علم النفس , لدرجة أنك قد تتفوق في معرفتك على بعض الأساتذة المبتدئين .

ولكن لديك شيئ لن يجعلك ناجحاً في علم النفس , ولا أُبالغ لو قلت بأن هذا الشيئ لن يجعلك ناجحاً في أي مجال في الحياة  .

إنك تمتلك عقلاً مُعقداً , نعم وأقصد بذلك أفكارك وشروحاتك , إنك دائماً شخص غير مفهوم , حتى في حياتك العادية , فزملاؤك دائماً مايشتكون , وأنت إعتقدت أن هذا ذكاء شديد , وهذا غير صحيح .

أنت تسعى لأَنْ تكون مُحاضِراً , فكيف تكون مُحاضراً ناجحاً والناس لا تفهمك , كيف تنجح وليس هناك تواصل بينك وبين الناس , كل العظماء كانو أشخاصاً بُسطاء ومفهومين . الناجح الحقيقي هو من يصل للناس ويستطيع أن يُوْصِل رسالته لهم , إذا كنت رجل أعمال كيف تنجح شركتك وأنت غير متفاهم مع موظفيك , وكيف ستُقنع العُملاء بشراء منتجك  .

إنتهت القصة عزيزي القارئ والآن أعود لك مرة أخرى وأقول لك…..

قد تكون أنت من نفس فئة الشاب (ب) حيث تمتلك المهارات المؤهلة للنجاح ولديك الطموح ولديك المعرفة الكافية ولديك التفكير  .

ولكن تواجهك نوعية التفكير , فالكثير يتعلم ويقرأ من أجل إجادة التفكير , وأنت تُجيد التفكير , وهذه بداية جيدة للنجاح , لكنها غير كافية  .

فنوعية تفكير الشاب (ب) تتشابه مع نوعية الطالب الجامعي الذي إمتلك العلم والفكر , لكنه سلك بهما طريقاً خاطئاً  .

فإذا رأيت نفسك تفكر جيداً ولكن بدون فائدة فاعلم عزيزي القارئ أن المشكلة في نوعية تفكيرك  .

شركة نوكيا وتجمد التفكير

هل تتذكر شركة نوكيا , هذه الشركة العملاقة في إصدار أجهزة المحمول , هذه الشركة كانت رائدة لعقود في هذا المجال , وكانت الشركات الشهيرة الأخرى تتنافس حول إحتلال المركز الثاني بعدها  .

ولكن هذ الشركة رُغم عباقرة البرمجة والتصنيع والإدارة فيها , إلا أنها رفضت تطوير أجهزتها وذلك بتمسكها الشديد بإصداراتها , مُعتقدة أن نجاح إسمها سيتفوق مع أي إصدار تُصدره  .

والنتيجة أن الشركات الأخرى درست حاجة الناس , ثم صنعت ما يحتاجه الناس ويُلبي رغباتهم , أما نوكيا فأرادت أن تَفرض رؤيتها في عالم الأجهز  المحمولة  .

والنتيجة نجاح الشركات التي جعلت أجهزتها أبسط وأسهل في التعامل , وتراجع شركة نوكيا شيئاً فشيئاً حتى اختفت  .

الخاتمة

فكرة قد تطور حياتك فتجتهد فيها …. والنتيجة نجاحات مُتلاحقة  .

أو فكرة  خاطئة وتجتهد في تنفيذها بالعلم والفكر ….. والنتيجة فشل مُتلاحق 

هذا ياعزيزي القارئ هو الفرق بين نوعية تفكير الموظف (أ) ونوعية تفكير الموظف (ب) .

لذلك فإنَّ مُجرد السعي وحده غير كافي , بل يجب دراسة الأمور من كافة الإتجاهات  .

فإذا كُنت أمام مُفترق طرق وتوجد ثلاثة مخارج ولا تعرف الطريق ولا توجد علامات إرشادية , فعليك أن تتوقف وتُفكر جيداً وتسأل وتستخدم كل الإمكانيات المُتاحة لمعرفة أي الطريق هو الصحيح  .

لأنك سوف تدخل للطريق الذي اخترته , ولن تعلم صحة أو خطأ إختيارك لأي الاتجاهات إلا بعد ساعات من قيادة سيارتك  .

فانتبه لنوعية تفكيرك  .

انس النجار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!