أحياناً يكون الإهتمام الشديد بأمر ما هو العقبة أو الحاجز المنيع الذي يمنعك من تحقيق النجاح فيه
كثير من الأشخاص يحبون التدقيق في كافة أمور وشؤون حياتهم ، و يهتمون كثيراً بأدق التفاصيل .
وهناك من لا يهتم بكافة التفاصيل ويكتفي بمعرفة أساسيات الموضوع ويتصرفون بناءاً عليها .
أي من هذين الفريقين هو الصواب ؟
وأي من هذين الفريقين أنت تتصرف مثلهم ؟
في هذا المقال سنتحدث عن المبالاة بكافة التفاصيل ، و اللامبالاة بكافة التفاصيل .
وذلك للوقوف على فهم كيفية التصرف في حياتنا اليومية ، سواء الحياة الأسرية ، أو العملية ، أو الإجتماعية ، أو غيرها الكثير ….
أحيانًا يكون الإهتمام الشديد بأمر ما هو العقبة أو الحاجز المنيع الذي يمنعك من تحقيق النجاح فيه .
فمثلاً إن واجهتك مشكلة ما ، فإنَّ الإفراط في التفكير في هذه المشكلة قد يجعل المشكلة تتفاقم أكثر .
دعني أوضح لك أكثر حول هذه النقطة…….
مقابلة عمل

لديك مقابلة عمل هامة جداً ، وبناءاً على هذه المقابلة سيتم تحديد مسار حياتك الوظيفية ، وأنت بحاجة شديدة إلى هذه الوظيفة .
ستقوم بالتدريب على كيفية إجراء هذه المقابلة ، وسوف تقوم بمذاكرة بعض الأساسيات التي ستحتاجها في هذه الوظيفة .
فمثلا لو كنت محاسباً وتتقدَّم لوظيفة محاسبية ، فبديهياً سوف تراجع معلوماتك المحاسبية قبل إجراء هذه المقابلة .
وبالإضافة إلى التدريبات السابقة لديك تدريب هام جداً ، فقد تكون من الأشخاص الذين يعانون من التوتر الشديد أثناء إجراء أي مقابلة .
وبالطبع ستتعرَّض إلى القليل من التوتر إن كنت تريد هذه الوظيفة بكل صدق .
فالتوتر البسيط هو من العوامل التي تدفعك للنجاح ، لكنَّ الإفراط في التوتر يؤدي إلى نتائج عكسية .
وبعد التدريبات والمراجعات التي تجريها تذهب للمقابلة ، ولا تستطيع تجاوزها أو الرد على جميع الأسئلة التي يتم توجيهها إليك .
فبرغم التدريب والمذاكرة ، فإنَّ المعلومات تتسرَّب من عقلك وتتوتر ولا تستطيع أن تنجح في إجراء هذه المقابلة بنجاح .
وفي المقابل تجد شخص يدخل إلى هذه المقابلة وهو غير مبالي بها تماماً ، وتجده يتجاوز هذه المقابلة بنجاح رغم أنَّك أفضل منه في كل شيئ .
هذا المثال هو شبيه لجميع المواقف التي قد تتعرَّض لها في حياتك .
ولكن ماهو السر في الإخفاق في المقابلة ؟!
السر يكمن في المبالاة والإهتمام المبالغ فيه .
ففي بعض الأوقات نحتاج إلى بعض الإهمال من أجل النجاح والتقدُّم في الحياة
اللامبالاة وحل المشاكل

الحياة تحتاج إلى تخطيط محكم وبذل مجهود لتنفيذ هذه المخططات ، وذلك لتحقيق أهدافك ، وهذا أمر لا نقاش في أهميته .
لكن الإفراط في هذه الأمور قد تجلب لك نتائج عكسية تماماً .
فإشغال العقل بحل المشكلة بشكل مبالغ فيه يجعل عقلك الباطن يقوم بالتركيز على المشكلة وإهمال حلها .
فلو كان تركيزك كله على حل مشكلة التوتر ، فإنَّ عقلك الباطن سيستجيب لما تفكر فيه ، وما تفكر فيه هو التوتر .
فعندها تقوم بشحن عقلك الباطن بفكرة التوتر ، والأصح هو أن تشغل عقلك بالنتيجة النهائية وهي النجاح ، لاتفكر فيما إن كنت متوتراً أم لا .
كمن يقول لنفسه يجب أن لا أخاف من المرتفعات ، وفي الحقيقة يعطي عقله المساحة الكافية للتفكير في الخوف من المرتفعات .
مما يجعله يزداد خوفاً من المرتفعات ، لأنَّ عقله يأخذ الكلمات والأفكار ويعمل عليها .
فالأصح أن لا يفكر في الصعود أثناء المرتفعات ، وأن يشغل عقله بأفكار مختلفة عن المرتفعات .
كأن يشغل عقله بجمال المنظر في القمة ، وذلك لينشغل بجمال الهدف النهائي ، مما يحفزه على الصعود رغم اي شيئ .
وهذا ما حدث مع الشاب المتقدِّم للوظيفة …..
فتفكيره في إمكانية عدم الموافقة عليه هو ما أدىٰ به في النهاية إلى رفضه بالفعل .
بالطبع يجب أن نُسلم بقضاء الله وقدره ، وأنَّ الله تعالىٰ إن شاء لنا هذه الوظيفة فسوف يُسخِّر لنا الكون كله من أجل أن ننالها .
وإن كانت مشيئته سبحانه وتعالىٰ عدم الإلتحاق في هذه الوظيفة ، فلن تنالها ولو كنت ابن صاحب هذه الشركة ، هذه نقطة يجب أن تكون مُيقناً بها تماماً .
نحن نتحدث عن السعي في هذه الحياة كما أمرنا الله تعالىٰ بقدر إستطاعتنا .
والسعي هو أن نفعل كل ما علينا ، عسىٰ سعينا مع الدعاء لله تعالىٰ أن يغيَّر أقدارنا بإرادته سبحانه وتعالىٰ .
فإن كنت مثل هذا الشاب المُقبل على مقابلة عمل ، فقم بالتدريب قدر استطاعتك ، وقم بمراجعة معلوماتك سواء كانت محاسبية أم غيرها…….
العقل الباطن وحل المشاكل

لكن لا تفكر كثيراً بالعواقب والتصورات حول هذه المقابلة .
لأنَّ التفكير المبالغ في عكس ماتتمناه يحدث بالفعل .
بمعنىٰ أنَّك تتمنىٰ عدم الرفض أو عدم الرسوب في هذه المقابلة ، والعقل الباطن لا يجيد فهم النوايا من الألفاظ .
فالعقل الباطن يلتقط كلمة وفكرة الرفض ثمَّ يتعامل معها علىٰ أنَّها أمر مباشر له ، وعليه أن يقوم بتنفيذها من خلال إنتاج الأفكار والظروف لتنفيذها .
مما ينتج عنه نسيان للمعلومات ، هذا النسيان ناتج عن حجب العقل الباطن لها ، حتى لا يتمكن العقل الواعي ( المسؤول عن الأفكار وكيفية إخراج المعلومات ) من إخراجها .
أو يعطي إشارات للأعصاب بالتوتر ، مما ينتج عنه مزيد من القلق والخوف الذي يؤدي إلىٰ فقدان الثقة بالنفس .
وإذا فقدت ثقتك بنفسك في المقابلة ولاحظ المشرف على هذه المقابلة عدم ثقتك بنفسك ، فسوف تكون النتيجة سلبية عليك .
لذا عليك أن تتعلَّم كيفية عدم اللامبالاة ، وليس هذا معناه أن تترك السعي المطلوب منك .
بل عليك أن تسعىٰ بكل طاقتك وإمكانياتك وما هو متاح لك ، ثمَّ لا تبالغ بالتفكير في النتائج ، وهذا هو مفهوم أن تتوكل على الله تعالى
فالتوكل على الله يكون بالسعي ، والنتائج من الله ، أي تفعل ما يتوجب عليك فعله وتترك النتائج لإرادة الله تعالى ومشيئته .
ولكن إحذر من اللامبالاة المفرطة ، فعندما تواجهك مشكلة ما فلا تتعامل معها بلامبالاة وتتركها متعللاً بأنَّ الله لن يجر عليك شراً
إن كانت نظرتك هذه سليمة فما حاجة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) للحروب والغزوات التي قادها بنفسه الكريمة .
وما حاجته هو والخلفاء الراشدين وجميع الصحابة إلىٰ جهاد المشركين بالنفس وبالكلمة وبالفكر وبالعلم لكي ينشرون راية الإسلام في كل مكان ولكل زمان .
لاتفهم اللامبالاة بطريقة خاطئة ، فإهمال اي مشكلة أو إهمال أي واجب عليك القيام به سوف يتراكم عليك بالكثير من المشاكل .
وسوف يجعل حياتك كارثية بكل جوانبها النفسية والإجتماعية والعملية وغيرها ……
مفهوم اللامبالاة

اللامبالاة هي أن تفعل ماهو مطلوب منك وأكثر ، ثُمَّ لا تفكر في المشكلة التي تقوم بحلها أو الواجبات التي تقوم بها .
عليك فقط أن تفكر في النتيجة النهائية من هذا السعي ، كأن تكون النتيجة التي تريدها هي النجاح في مقابلة العمل كما ذكرنا في المثال السابق .
وعليك أن لا تفكر كثيراً في النتيجة ، أي لا تفكر كثيراً في النجاح في هذه المقابلة .
لأنَّ التفكير والتصور المبالغ في النتيجة قد يدفعك إلىٰ النتيجتين السلبيتين :-
النتيجة الأولىٰ :- ( التواكل ) والتواكل عكس التوكل ، فالتوكل معلوم .
أمَّا التواكل فهو الإعتماد على مالا تملكه ، أو الإعتماد على غيرك في تنفيذ مهامك ، أو الإعتماد على الظروف ، أو الثقة التي تمنعك من الإجتهاد والسعي .
والتواكل الذي أعنيه هنا هو الثقة التي تمنعك من الإجتهاد والسعي ، فالتفكير المفرط في النجاح في المقابلة قد يخلق في عقلك ثقة يقينية بأنَّك ناجح بلا شك .
وهذه الثقة ستدفعك إلىٰ الإهمال في التدريب أو الإهمال في المراجعة المحاسبية وغيرها .
مما يدفعك في النهاية للفشل في هذه المقابلة بسبب الإفراط في التفكير بأنَّك ستنجح في هذه المقابلة .
النتيجة الثانية :- التوتر الناتج عن الضغط النفسي الذي قمت بإحضاره عن طريق الإفراط في النتيجة .
فقد يكون التفكير في النجاح في المقابلة سبباً في خلق المزيد من التوتر بسبب تعدد المهام التي تراها واجب عليك إتمامها .
لأنَّك ستجد بعض الخلل في أي نقطة تقوم بتقويتها بذاتك ، فعندما تفكر في معالجة هذا الخلل وفي نفس الوقت تفكر في النجاح بإفراط ، فإنَّ ذلك سيدفعك للتوتر الشديد .
والتوتر حالة يتم فيها إنكماش أعصاب الدماغ المسؤولة عن الأفكار والتركيز ، ومن أجل التفكير يجب أن تكون هذه الأعصاب بحالة إسترخاء ومرونة .
فالتوتر يمنع العقل من أداء مهتمته بنجاح .
ولا ننكر التوتر الإيجابي الذي يدفعك إلىٰ بذل المجهود ويحفزك له ، أمَّا التوتر الضار فهو الإفراط فيه .
فالإفراط في أي شيئ هو ما يضر بالإنسان ، فعليك أن تكون معتدلاً ، فلا تبالغ بالإهتمام ، ولا تبالغ في الإهمال .
تابعونا لقراءة العديد من المقالات المُلهمة للنجاح في مدونة استيقظ