محمد علي كلاي في بدايات شهرته كان عليه أن يُلاعب مُلاكم اسمه جورج فورمان , وجورج فورمان هذا كان يُمثِّل رُعباً لجميع خصومه قبل المُباراة .
وقبل المباراة توجه محمد علي كلاي ومُعاونينه نحو حلبة المُلاكمة ينتظر نداء إسمه من أجل الدخول للحلبة للقتال في هذه المُباراة المُرتقبة .
كان جورج فورمان لديه شعبية أكثر من شعبية محمد على كلاي حينها , وكان يسمع هتافات الجمهور لجورج فورمان قائلين ( أهزم علي , أهزم علي ) .
نظر محمد علي كلاي خلفه ليرى مُعاونيه وجوههم شاحبة من الخوف والقلق , تأمًّل محمد علي كلاي وجوههم باستغرابٍ واستنكارٍ شديدٍ ثُمًّ قال لهم :-
لماذا تبدون مرعوبين وكأنكم ذاهبين إلى جنازة ؟!!!
أنا من سيُقاتل وليس أنتم , يبدو أنَّكم صدقتم مايُقال عن قوة لكماته , وأنَّه يُطيح بخصومه بضربة قاضية من هذه اللكمات القوية , وقد أطاح بأبطال سابقين .
تخافون وكأنَّكم من ستقابلونه في الحلبة , ماخطب جورج فورمان هذا الذي يُرعبكم هكذا ؟!!
إذا دخلتم الحلبة فابتسمواْ وأظهرواْ أنَّكم سعيدين , لن أفوز بالقتال إذا كنت أُفكر كما تُفكرون .
كانت هذه كلمات محمد علي لمُعاونيه قبل الدخول للحلبة , وقد تظنّ أنَّ هذه كلماتٍ عادية جداً ولا تحتاج لكتابة مقال .
لكن صدقني عزيزي القارئ حين أقول لك إنَّ هذه الكلمات تحمل في طياتها العديد والعديد من الدروس التي ستُعينك على النجاح في حياتك .
أولاً :- الإيمان الذاتي
سر أسطورة محمد علي كلاي
كانت هذه من أعظم صفات محمد علي كلاي , فأحد أهم الركائز التي اعتمد عليها لصناعة أسطورته هي الإيمان الشديد بقدراته .
وحديثه مع مُعاونيه أكبر دليل على هذه القوة الإيمانية , فلقد تسلَّلَ الخوف إلى مُعاونيه , رُغم أنَّهم لن يواجهوه في الحلبة .
لكنَّه هاجم فيهم هذا الشعور ليس لأنَّه ليس خائِفاً , بل لكي لا يسمح لثقته بنفسه أن تهتز .
وهذا درس عملي على التدريب الحقيقي للنجاح , لأنَّ النجاح لابد أن يصدر من ذاتك أنت , لا يأتيك من عوامل خارجية خارج حدود الطبيعة .
والإيمان الذاتي لا يأتي إلَّا بعد أن تُصَدِّق نفسك , فيجب أن تكون مشاعرك الداخلية صادقة تماما مع ما تسعى إليه .
فما حدث مع محمد علي كلاي هو نتيجة التفاعل التام بين تصديقه لنفسه بأنَّه قادر على هزيمة جوج فورمان ومع ما يُظهره .
فلا تقول بلسانك أنَّك تستطيع أن تُحقق النجاح في هذا الأمر , وأنت بداخلك لا تُصدق ما تقوله .
فالإيمان الذاتي هو تطابق المشاعر مع الأفعال التي تؤكد هذه المشاعر والأفكار .
ولكن كيف نُلهم أنفسنا للوصول إلى قمة الإيمان الذاتي ؟!!!
هذا بتطبيق المبدأ الثاني ….
ثانياً :- الفكرة هي المصدر
سر أسطورة محمد علي كلاي
لقد قال محمد علي كلاي لمُعاونيه :- لن أفوز بالقتال إذا كنت أُفكر كما تُفكرون .
وهذه الكلمات كانت الحافز لتحقيق الإيمان الذاتي , لأنَّ الإيمان الذاتي هو فكرة في عقلك أولاً ويجب أن يتم تصديقها بالأفعال .
فلا يُمكن أن تكون مشاعرك تُريد النجاح في أمرٍ ما , وعقلك لا يُصدق هذا النجاح , وهذا الكلام ليس تكراراً لما قلته بالأعلى .
ولكنَّه تكملةً لما قلت , فهو دائرة ويجب أن تدور بين عقلك ومشاعرك بدون أن تتوقف نهائياً .
فالأمر يبدأ أولاً بفكرة الإنتصار أو النجاح , ثمَّ تشرع في تنفيذ هذه الفكرة بالأفعال , والأفعال قد تكون على هيئة كلماتٍ تحفيزية كما قال محمد علي كلاي .
لم يكن محمد علي كلاي يُخاطب مُعاونيه فحسب , بل كان يُخاطب نفسه أولاً , يُخاطب مشاعره التي يعتريها الخوف ويأمرها بالإنصياع لفكرة الإنتصار .
هكذا أراد محمد علي أن يجعل فكرة الإنتصار على جورج فورمان ليست مسألة فكرية فحسب , بل إيمان بالعقل والجوارح لكي يُصدق هو هذا الأمر .
لأنَّ المشاعر بعد أن تستسلم لأوامر العقل بفكرة الإنتصار تتحول لوقودٍ لتغذية العقل أكثر بهذه الفكرة , ثمَّ تستمر هذه الدائرة حتى تُصبح إيماناً كاملاً بين العقل والمشاعر .
وتظل تدور هذه الدائرة بين العقل والمشاعر , كلٌ يغذي الآخر بلا توقف , العقل يُغذي المشاعر , ثُمَّ المشاعر تُغذي العقل , ثم يعود العقل لتغذية المشاعر , وهكذا …….
ولكن هل الأمر بهذه السهولة أم هناك أمرٌ آخر يجب تنفيذه للوصول لهذه القمة في الإيمان الذاتي ؟!!!
ثالثاً :- تعزيز النجاح أو الإنتصار
سر أسطورة محمد علي كلاي
محمد علي كلاي لم يكُنْ شخص حالم يُمَني نفسه بالإنتصار في الحلبة من فراغ , فإيمانه الذاتي كما شرحنا سابقاً ينقصه عامل هام جداً .
إنَّه عامل التدريب الشديد , فلقد كان محمد علي كلاي شديد الإنضباط في حياته , سواء التدريب أوحياته العامة .
كان يضبط أوقاته بعناية شديدة , وكان يمارس عادات صحية لتناول الطعام , والأهم من ذلك التدريب الشاق على الملاكمة .
والتدريب عنده لم يكن بتقوية لياقته وعضلاته فقط , بل كان يقرأ في كتب التنمية البشرية , لأنَّه عرف قيمة العقل جيداً .
فالملاكمة عنده كانت هدفاً لإشباع ذاته التي تبحث عن النجاح وتبحث عن الكثير من الإجابات التي تشغل عقله وكيانه .
هذه الأسئلة ومغامرة البحث عن ذاته التي أنارت طريقه في النهاية إلى إعتناق الإسلام .
فالايمان الذاتي لا قيمة له بدون العمل والتدريب .
- كيفية توجيه العقل نحو النجاح
- خمسة أشياء تطرد السعادة من حياتك
- صناعة العبقرية والنجاح المتميز
- ابحث عن الكنز الذي بداخلك
- أسرار النوم للصحة النفسية والعقلية والجسدية
فلا أستطيع أن أُطالبك بالتحلِّي بالإيمان الذاتي لديك في أنَّك ستنجح في إختباراتك الدراسية بتفوق دون أن أنصحك أولاً بالمذاكرة .
فلا تأخذ بفكرة الإيمان الذاتي وتكتفي بها , لأنَّك إن كنت طالباً فعليك أن تجتهد أولاً في تحصيل الدروس والمذاكرة .
وبعد أن تؤدي ماعليك بكل طريقة ممكنة , بعدها أُطالبك بالإيمان الذاتي .
لأنَّ إيمانك الذاتي بقدراتك على النجاح ستكون كاذبة , فيجب أن تكون المشاعر والأفكار صادقين معاً .
فعدم مذاكرتك لن يخلق لك إيمان ذاتي , وإن تواجد لديك إيمان ذاتي حينها فإنَّ مشكلتك كبيرة جداً , لأنَّك ستكون من الذي يخدعون أنفسهم بأوهام النجاح والتفوق .
رابعاً :- الإيحاء النفسي
سر أسطورة محمد علي كلاي
لقد قال محمد علي :- إذا دخلتم الحلبة فابتسمواْ وأظهرواْ أنَّكم سعيدين …….
هذه كلماتٍ قالها رجل سيدخل بعد لحظات إلى مباراة طاحنة , قد يخرج منها بكسورٍ وإصاباتٍ عديدة .
لكنَّه قال هذه الكلمات لأنَّه يعرف قوة الإبتسامة , جيداً ويعرف مدى تأثيرها على الصديق , وعلى العدو , وأمام العامة من الناس .
فالإبتسامة هي صدقة كما ثبت عن رسول ( الله صلى الله عليه وسلم ) حين قال :- [ تبسمك في وجه أخيك صدقة ]
والإبتسامة ليست صدقة فحسب , بل هي إنتصار على العدو , فإنَّك إن واجهت أي خصم لك في حياتك فابتسم في وجهه .
فالإبتسامة للصديق أو من تُحب هو أمرٌ مفهوم , لكن لماذا تبتسم أمام الخصم أو العدو ؟ !
لأنَّ الإبتسامة توحي للطرف الآخر بأنَّك لا تعبأ به ولا تُلقي له بالاً , فهي ضربة نفسية لخصمك تجعله يفقد تركيزه أمامك .
فتجعله يتساءل كثيراً عن سر ابتسامتك , هل هي ثقة مبالغة منك في نفسك؟
وحينها سيخشاك ولو قليلاً أو يتوتر .
هل هي بسبب أنَّك تستخِفَ به , فذلك سيجعله يغضب ويفقد تركيزه .
هل هي بسبب أنَّك تُدبر أمر ما , فسيجعله يُفكر في خدعة مرتقبة ويفقد تركيزه .
فالإبتسامة سلاحٌ فتاك ستُصيب به خصمك ولو إصابة نفسية وفكرية بسيطة .
وأمام العامة ستخلق لك هالة وثقة أمام الجميع , فسيرى فيك الجميع ثقتك واعتزازك بنفسك , ونظراتهم لك ستؤثر عليك حتماً بعدها .
لذلك كان حرص محمد علي أن يدخل معاونيه مبتسمين أمام الجميع , حتى يرى الجميع قوتهم وثقتهم بأنفسهم , وحتى يرى جورج فورمان ومعاونيه هذه الإبتسامة .
وعندها ستقل عزيمة ونشوة الثقة لدى جورج فورمان ومعاونيه .
فإن لم يستطيعو بابتسامتهم هزيمتهم معنوياً فإنَّهم بهذه الإبتسامة سيفقدونهم كثيراً من غرورهم وثقتهم بأنفسهم .
وقد استطاع محمد علي أن يُحقق هذا الفوز في المباراة التي توقع الجميع بخسارته أمام جورج فورمان .
خامساً :- قوة الإبتسامة
سر أسطورة محمد علي كلاي
الإبتسامة ليست من أجل الطرف الآخر أو الخصم فحسب , فهي ليست للصدقة أمام الأصدقاء والأحبة , وليست سلاحاً أمام الخصوم فحسب .
بل هي لك أيضاً , فعندما تبتسم تنشط لديك الخلايا العصبية بالدماغ , كما يتم تنشيط الدورة الدموية بالدماغ والوجه .
وعند الإبتسام أيضاً تتحرَّك 12 عضلة بالوجه لكي تنتج الإبتسامة .
كما أنَّ النشاط في الدورة الموية والأعصاب في الدماغ يعملان على تحسين الحالة المزاجية للإنسان , ومقاومة الإكتئاب , ويقوي حالة التركيز .
ويعملان أيضاً على تنشيط القلب , مما يؤدي إلى نشاط الدورة الدموية للجسم كاملاً .
فالإبتسامة فقط تعمل على منح جسدك وعقلك العديد من المزايا الصحية العظيمة , وأيضاً تمنحك قوة وجاذبية أمام الجميع .
أنس النجار
تابعونا لقراءة العديد من المقالات المُلهمة للنجاح في مدونة استيقظ