كن أنت وطور ذاتك
كن أنت وطور ذاتك

هل تريد النجاح من أجل نفسك أم من أجل إرضاء الناس ؟!!!

هذا السؤال قد يبدو لك للوهلة الأولى أنَّه سؤال عابرٌ لا قيمة له , ولكن بعد قرائتك لهذا المقال ستعرف أنَّ هذا السؤال هو مفتاح للعديد من النجاحات والإخفاقات في حياتك .

هل تريد النجاح في مجالٍ ما لأنَّك تُريد النجاح فيه حقاً أم لا ؟!!!

شاب ما يقرأ ويبحث كثيراً من أجل تحقيق هدف الحصول على شهادة الماجستير في دراسته , وعندما يتقدَّم لخطبة فتاة يُريد أن يتزوجها وتكون شريكة حياته , يُفاجأ برفض الفتاة وأهلها له بسبب أحواله المادية .

وفي المقابل شابٌ لديه مشروع مُربح فيتقدَّم لفتاة جامعية وهو متوسط التعليم , فترفضه الفتاة وأهلها لفرق المستوى التعليمي بينها وبينه .

في المثالين السابقين تشابهات لحياة الكثيرين منَّا وإن اختلفت الوظائف والأهداف , ولا يهمني إن كان التصرف في كلا المثالين صحيحاً أم لا .

المهم أن الشاب الأول يُقرر الإنتصار لنفسه وإثبات نجاحه أمام الفتاة , وذلك عن طريق تحقيق هدف جديد وهو جمع أكثر قدر من المال , وفي المُقابل يتخلَّى عن حلمه الرئيسي وهو شهادة الماجستير  .

والشاب الثاني يتقدَّم لدراسة جامعية عن طريق التعليم المفتوح من أجل أن ينتصر على نفسه وعلى الفتاة , ويجعل هدفه أن يكون مُثقفاً ويفوز بالشهادة الجامعية , وفي المقابل يتخلَّى عن هدفه القائم في مشروعه .

كثير من الناس تُجبرهم الحياة على تغيير مسار أهدافهم , هذه الكلمات تجول الآن في ذهنك عزيزي القارئ .

ولكن إسمح لي أن أقول أنَّك مُخطئ , فالسبب الوحيد الذي يجعلك أن تُغير هدفك هو أن تكتشف بأنَّ هدفك هذا كان خطئاً ( وقد تحدثتُ عن هذه النقطة في مقال سابق ) .

 أمَّا أن تتخلَّى عنه من أجل ظروفٍ طارئة أو من أجل الوصول لغاية ما , فهذا خطأ فادح .

الهدف هو ما يُعبِّر عن شخصيتك وعن ذاتك , فإذا تخلَّيتَ عن هدفك فكأنَّك تخلَّيتَ عن ذاتك .

وليس المثالين هما كل مايحدث لهذه النوعية من التخلِّي عن الذات , فإنَّ منَّا من يسعى لإظهار نفسه بصورة لا تُناسبه , وذلك من أجل أن ينال رضا واستحسان واحترام الناس .

تحميل نفسك فوق طاقتك

فهناك من يُحَمِّل نفسه ما لايطيق من المصاريف لكي يظهر بمظهر يُعجب الناس , فمثلاً تضطر أن تشتري سيارة أحدث إصدار وبماركة مُحددة .

وشراء السيارة ليست مُشكلة , إنَّما المُشكلة أن لا تكون مقدرتك المالية تسمح بشرائِها , مِما يجعلك تضطر لشرائها بالقسط , وهذا أيضاً لا يُعد مشكلة كبيرة .

المشكلة هي أنَّ الأقساط الشهرية أكثر من نصف راتبك , أو ثُلثي راتبك , وتخيل أنَّك ستعيش هكذا لعدة أعوام حتى تُسدد أقساطها .

في حين أنَّ باستطاعتك شراء موديل وماركة أقل سعراً , ولكنك تشتريها من أجل مظهرك أمام الناس ومفهومك بأنَّ هذا سيجلب لك الإحترام .

أو تضطر للسير في مجال أنت لاترى نفسك فيه , وتسير فيه لأنَّ عامة الناس تؤمن بأنِّ هذا طريق النجاح , كمن يكون مُحباً ومتفوقاً في مادة دراسية , وعند دخول الجامعة يضطر لدخول كلية الطب , لأنَّه إن لم يلتحق بها يكون قد أضاع مستقبله .

وماذا لو دخل كلية في مجال يحبه وتفوق فيه وأصبح مُعيداً وحقق فيها إنجازات عظيمة , سواء في الدراسة أو في الحياة ؟!!!

والحقيقة القاتلة أنَّ أغلبنا في هذه الدوامة القاتلة , والتي تقوم حول نقطتين أساسيتين وهما ( تحميل نفسك فوق طاقتك , التخلي عن هدفك ) 

وهما جريمتان نرتكبها في حق أنفسنا أو في حق آبائنا أو أبنائنا , وللأسف ليس هناك قانون يُعاقِب على مثل هذه الجرائِم حتى تكون رادعة لمن تُسَّول له نفسه تدمير ذاته .

ولكن لماذا لا تختار أن تكون أنت , لماذا تُريد ما يُريده الناس والمجتمع , ولماذا لا تكون أنت قاضياً وحاجباً على ذاتك , وأنت من تُطبق الأحكام على نفسك .

عليك أن تسلك إتجاهين ضرورين في حياتك وهما ( أن تعرف نفسك , وأن تتمسك بنفسك) 

أن تعرف نفسك 

يجب أن تبحث في ذاتك وتُحاول فهم نفسك بدون أن تخدع نفسك وتعرف ماذا تُجيد أن تفعل , وأين تجد مهاراتك اللازمة للنجاح , فكل إنسان أعطاه الله تعالى ما يُميزه عن الآخرين .

فأنت كائن خاص بذاتك , خلقك الله تعالى ببصمة في يديك تختلف عن مليارات من البشر الآخرين , ولن تجد أحد من البشرية كلها يتفق معك في بصمتك , فلماذا تُضحي بذاتك من أجل أن تكون مع السائرين , يجب أن يكون لك طريقك الخاص .

إكتشف نفسك جيداً وابحث في ذاتك , فإنِّ قمة النجاح والعبقرية هي أن تفهم نفسك , وتعرف جيداً نقاط قوتك ونقاط ضعفك , ويجب أن تكون صريحاً مع نفسك , فلا أحد سيُراقبك وأنت تفتش في ذاتك .

أن تتمسك بنفسك 

بعد أن تفهم ذاتك وتفهم نقاط قوتك , عليك أن تُنمي هذا الإكتشاف , وأن تكون حُراً في قرارك .

بمعني أن تختار طريقك بحرية كاملة , فإذا رأيت نفسك مثلاً أنَّك ستتفوق في كلية الإعلام , وقد درست الأمر جيداً بعد يقينك أنَّك موهوب في الإلقاء والتحقيقات مع الأشخاص , فتمسك بهذه النتيجة وتحمَّل مسؤولية الإختيار .

لأنَّك قد تكون حصلت على مجموع يؤهلك لكلية الطب , ولكنَّك قررت بمنتهى المسؤولية أنَّك ستدخل كلية الإعلام .

وأقصد بحرية قرارك هو أن لا تتأثر بثقافة الآخرين حول أنَّ النجاح يُعني دخولك كلية الطب فقط .

وأن تكون واثقاً من أنَّك ستحقق النجاح في كلية الإعلام , حيث يجب أن يكون هدفك النجاح وليس نيل الثناء من الناس عليك بكونك في كلية الطب .

الدكتور ابراهيم الفقي

 وسأذكر لك قصة طريفة يحكيها الدكتور إبراهيم الفقي وسوف تفهم منها المغزى ….

حيث يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله في إحدى ندواته بأنَّ والدته وبعض أقرب الأقربين له كانو يتهكمون على أحلامه وأهدافه , ولكنَّه كان يرى النجاح في طريقه ومصمم على بلوغه .

وبالفعل بعد عدة أعوام من ذيع صيت الدكتور إبراهيم ونجاحاته قرر إصطحاب والدته وبعض الأقرباء في سفر لدولة أوروبية , وهناك بعد ما رأى الجميع قيمة ونجاح هذا الرجل .

يقول الدكتور ابراهيم بطريقته المصرية المُضحكة :- ان والدته قالت للجميع ألم أقل لكم أن ابني هذا سيكون له شأن عظيم ؟!!!

وضحك جميع من في القاعة من إسلوب سرد الدكتور إبراهيم لهذه القصة المضحكة والمعبرة جداً

والشاهد من هذه القصة 

عليك أن تتمسك بحلمك وهدفك , ولا يغرنك إستهزاء الجميع بك أو محاربتهم لك , فهؤلاء المستهزئين بك سيكونون أول المُتفاخرين بك , أو هم أول الذين سينافقونك لكي يتقربو منك في كل أوقاتك .

فلماذا تتخلَّى عن نفسك من أجل أناس إذا فشلت لن يرحموك , وإذا نجحت سيتملقونك .

ماذا لو استسلم الدكتور ابراهيم الفقي لاستهزاء الآخرين وأقرب الناس إليه ؟!!!

ماذا لو حاول إرضاء الناس ونظراتهم بأن يقبل بأن يكون تاجراً عادياً أو ناجحاً في سفره بحيث تعيش أسرته في رغد من العيش وهولا يعرفه أحد ؟!!!

ماذا لو تخلَّى عن ذاته وقرر أن يكون شخصاً آخر حتى يرضى عنه الناس ؟!!!

بالطبع لن يكون لدينا أي معرفة عن شخص يُدعى إبراهيم الفقي .

ختاماً 

وأختم مقالي هذا برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقصته الشهيرة مع عمه أبي طالب حينما أراد أن يُثنيه عن دعوة الله إرضاءاً لقريش , ماذا كان رد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال { ياعم : والله لو وضعو الشمس في يميني , والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهره الله , أو أهلك فيه , ماتركته }

ورغم أنَّه لا أحد في البشرية كلها يُشبه الرسول وهو أعظم الخلق  , ولا يمكن تشبيه الرسالة الإلهية بأي قضية أخرى , إلَّا أننا يجب أن نجعل من النبي الكريم قدوة لنا في حياتنا , فكل تصرف أو قول منه هو تعليم لنا  .

انس النجار

تابعو العديد من المقالات والقصص المُلهمة للنجاح في مدونة إستيقظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!