إن أردت أن يعمل عقلك بشكلٍ صحيح وبنشاطٍ وبطاقةٍ إيجابية , فعليك أن تطور بعض المهارات التي تساعد على تحقيق ذلك .
فلا يمكن للعقل أن يتصرَّف من تلقاء نفسه لفعل ذلك , إذ عليك أن تقوم بتوجيهه بإرادتك أنت لكي يعمل بهذا الشكل الصحيح .
ولكي ترتقي بمستوى عقلك وتقوم بتطوير قدرتك على التحكم والتوجيه له , عليك أن تُدربه على بعض المهارات اللازمة لتحقيق ذلك .
فيجب أن تجعله يعمل وفق جدول لتحقيق المهام الذي يجب تحقيقها , سواء كانت هذه المهام مكتوبة أو محفوظة في ذهنك .
وهذه بعض المهام التي يجب عليك فعلها لتنمية وتوجيه مهارات عقلك , ويمكنك التعديل عليها أو إضافة بعض التعديلات التي تتناسب مع إمكانياتك وظروفك .
أولاً / عين لنفسك مهمة محددة
فمن الأمور الضرورية جداً لإيقاظ قدراتك العقلية أن تُحدد لنفسك في بداية كل يوم مهمة , حتى ولو مهمة بسيطة تستطيع إنجازها بسهولة .
فلا يشترط أن تحدد لنفسك في البداية مجموعة من المهام أو مهمة صعبة , فالأمر في البداية يكون من أجل برمجة العقل على السير وفق مخططات محددة .
فالهدف الرئيسي في البداية هو أن تؤسس لنفسك عادة توجيه العقل للعمل وفق مهمة محددة , وبعد النجاح يمكنك تعظيم المهام وتحديد مهام أكبر .
فالتدرج مطلوب للنجاح في أي شيئ , وبعد ذلك ستجد نفسك تحقق مهاماً عظيمة وطويلة المدى , مهام يتم تحقيقها في أيام أو أسابيع أو شهور تعمل عليها يومياً بانتظام .
كما أنَّ النجاح في تحقيق المهام البسيطة في البداية سيعمل على تحفيزك للأفضل يوماً بعد يوم , أمَّا إن اخترت عدة مهام أو مهمة صعبة في البداية فسوف يجعلك ذلك تتوقف وتنسحب من هذه الفكرة .
فلا أطالبك بالإنسحاب بعد نجاحك في عدة مهام , وإنما أول المهام هي التي تحدد مسارك في تنفيذ هذه الفكرة , وبعد ذلك يجب أن تتمسك بالإصرار على تحقيق كل المهام .
لأنَّ العقل يجب أن يتم برمجته تماماً على إستحالة التوقف أو التباطؤ أو الإنسحاب , فالمهمة يجب أن تكون معقولة وليست مستحيلة , وبعد ذلك يجب تنفيذها .
ثانياً / إستخدم قائمة مهام
بعد النجاح في المرحلة الأولى من المهام اليومية البسيطة , إنتقل إلى مرحلة المهام طويلة الأمد , وأقصد بذلك المهمام التي تحتاج إلى أسابيع وشهوراً لتحقيقها .
فعلى سبيل المثال لا الحصر , إن كان هدفك في هذه المرحلة هو الفوز ببطولة دولية في رياضة ما , ولتكن رياضة كمال الأجسام على سبيل المثال :-
فإنَّ الأمر يحتاج إلى مهام يومية طويلة المدى , يجب أن تُحقق يومياً مهمة أو أكثر من هذه المهام , وليس تنفيذ مهام فقط بل أيضاً تنظيم المهام وتنظيم حياتك اليومية أيضاً .
فيجب أن تحدد فترات التدريب الرياضي , مثلاً سأقوم بالتدريب على القدمين صباحاً في الساعة العاشرة , وفي الساعة الثامنة مساءاً سأقوم بالتدريب على عضلات الصدر وهكذا .
أو تحدد لنفسك عدد من الساعات اليومية للتدريب , سواء كانت هذه الساعات متصلة أم منفصلة , ويجب إن تنظم يومك حسب ماهو ضروري لفعله , أو غير ضروري لتجنبه .
فالأمر ليس بتنظيم مهامك لتنفيذها فقط , بل بتنظيم حياتك اليومية وفق خطة مهامك , فمثلاً هذا الرياضي يجب أن يقوم بتنظيم وجباته اليومية من الطعام .
ماذا يحتاج يومياً من الطعام الصحي وفي أي وقت يتناول هذه الأطعمة , وينظم مواعيد الإستيقاظ ومواعيد النوم , ومواعيد للرفاهية والعمل , وهذا مع التدريب الرياضي .
فعامل التنظيم اليومي لهذه المهام يجب أن يتم وفق المخطط له كما تم التخطيط , وبالأوقات المحددة , هذا مع مراعاة حدوث ظروف طارئة تستدعي تعديل مخططك اليومي .
فعليك أن تكون مستعداً نفسياً وفكرياً لتقبل هذه التعديلات , فالمرونة ضرورية وصحية إن لم تؤثر على تحقيق هدفك النهائي من هذه المهام اليومية .
ثالثاً / ركز على مهامك بمنتهى المهارة
التركيز على المهام اليومية ليس أمراً إختيارياً , لأنَّك لا يمكنك تحقيق أي نجاح في حياتك دون التركيز على هدفك , والتركيز يلزمه إصرار وعزيمة .
ولكي تكتسب مهارة التركيز على مهامك اليومية يجب أن يكون عقلك مُهيأً لتوجيه التركيز على المهمة , ولكي يتهيأ عقلك للتركيز عليك أن تفعل ما يلي :-
- التركيز على شيئ ما يحتاج إلى تحفيز , فلا يمكنك أن تركز على شيئ أنت لا تريده , أو ليست لك الرغبة القوية في تحقيقه .
والرغبة تأتي عن طريق الإرادة القوية التي تحتاج بدورها إلى التحفيز , والتحفيز يأتي عن طريق التوقف قليلاً بعد تنفيذ كل مهمة .
- يجب أن تُشعر نفسك بالنجاح بعد تحقيق مهمة من المهام اليومية , هذا الشعور سوف يخلق لديك الحافز القوي على تنفيذ المهمة التالية .
وليس الإحتفال فقط هو ما يحفزك , بل يجب أن تتوقف وتتنفس قليلاً بين كل مهمة , فعند تحقيق المهمة الأولى مثلاً , توقف قليلا واشعر نفسك بالسعادة لتحقيق هذا الإنجاز .
- عليك أن تنال قسطاً من الراحة بعد المهمة الأولى ولا تشغل عقلك بالمهمة الثانية , بل مارس حياتك اليومية الطبيعية , ثمَّ بعد عدة ساعات إنتقل إلى المهمة الثانية بعقل نشيط .
لأنَّ إشغال عقلك طوال اليوم بالمهمة سيجهد عقلك وسيحرمك من الحياة , فالنجاح إن كان على حساب حرمانك من الحياة فهو ليس نجاحاً .
فإياك أن تسرقك مهامك اليومية من حياتك , عش حياتك وخطط التوقيت المحدد للعمل وتنفيذ المهام , والجلوس مع أسرتك , والترفيه عن نفسك , وممارسة هوايتك المفضلة والمحببة لك .
رابعاً / حدد أولوياتك
تحديد الأولويات هو أمرٌ ضروري جداً , فقد تزدحم عليك المهام ولا تدري بأيها تبدأ , وتدخل في متاهة الأهداف التي يجب تحقيقها .
فتجد نفسك أمام الكثير من الأهداف التي يجب تحقيقها ولا تدري أيها أهم لك , والتنظيم في هذه الحالة أمراً لا مفر منه , لمعرفة من أين تبدأ , وإلا ستتوقف وتشاهد الأهداف دون فعل أي شيئ .
فعليك أولاً أن تبدأ بتصنيف هذه المهام لتختار منها أيها أهم بالبدء من الأخرى , وهذا التصنيف يكون كالتالي :-
- إنجاز :- وهي المهام العاجلة ذات الأولوية القصوى والتي لا يمكن تأجيلها , أو لا يمكن أن تبدأ بمخططاتك اليومية بدون تنفيذها , بمعنى أن تكون هي بوابة الإنطلاق لباقي الأهداف .
- تحضير :- وهي المهام المهمة للسير في مخططاتك اليومية كما في الحالة السابقة ( إنجاز ) , لكنَّ الفرق بينهما أنَّ التحضير قد يُمكنك تأجيلها بعكس الإنجاز .
- تأجيل :- وهي المهام الضرورية التي لا يجب تنفيذها في البداية , فرغم أنَّها من المهام الضرورية ,إلَّا أنَّك يمكنك تأجيلها لما بعد الإنجاز والتحضير .
- تأخير :- وهي المهام التي تراها غير ضرورية , ولا يؤثر تركها على المخطط اليومي , بل هي إضافة جيدة للمهام , فبدلاً من تحقييقها بصورة جيدة فيمكن بتنفيذ مهام التاخير أن تكون ممتازة , وهي تكون آخر المهام .
خامساً / كيفية تصنيف الأهداف
قد تعرفنا على تصنيف المهام إلى [ إنجاز – تحضير – تأجيل – تأخير ]
والسؤال الهام هنا :- ما هي العوامل التي نقوم على أساسها بتطبيق هذا التصنيف ؟!
أو بمعنى أدق :- كيف تحدد هذه التصنيفات ؟!!
1- إختر أي مهمة من المهام اليومية بصورة عشوائية , وليكن لديك عشرة مهام , إختر واحدة منها وطبق عليها مايلي , ثم طبق ذلك على المهام التسعة الباقية .
2- إسأل نفسك عن الأسباب التي تجعل لهذه المهمة أهمية كبيرة , فالإجابة على هذا السؤال ستجعل عقلك يعمل بطريقة جيدة لتحديد تصنيف هذه المهمة بكل دقة .
فكلَّما زادت الأسباب التي تجعل من هذه المهمة ذات أولوية بالنسبة لك , زادت أهميتها وزاد تصنيفها .
3- قم بكتابة خمس إجابات على الأقل , فكلَّما زادت إختيارات الإجابات زادت فرص إكتشاف تصنيف هذه المهمة .
فهذه هي الأسباب التي تساعدك على تحديد الأولويات , فتحديد أولوياتك في الحياة يعمل على تنظيم وقتك وجهدك , وتوجيه عقلك في المسار الصحيح .
فعدم تحديد الأولويات قد يجعلك تعمل على شيئ بكل همة ونشاط ثمَّ بعد فترة تكتشف عدم جدوى هذا العمل , فيضيع وقتك وجهدك فيما لا نفع لك منه .
أو تكتشف أنَّ هناك أمراِ أهم كان عليك تحقيقه , وأنَّ إنجازك لا يتحقق إلا بتحقيقه أولاً , فتضطر أن تبدأ في تنفيذ المهام الناقصة .
وبعدها تضطر أن تُعيد ما بدأته وفق التعديلات الجديدة , وهو ما يضيع وقتك ومجهودك وطاقة عقلك .
تابعونا لقراءة العديد من المقالات الملهمة للنجاح في مدونة استيقظ