الثقة بالنفس من أهم المهارات التي يجب عليك أن تمتلكها لكي تستطيع تحقيق أي نجاح في حياتك .
فمهما كانت درجة ثقافتك أو مستوىٰ تعليمك وتدريبك ، ومهما كانت قدراتك الفكرية ، ومهما كانت قدراتك العقلية من الذكاء وغيرها الكثير ….
فإنَّ جميع هذه القدرات السابقة أو غيرها لن تعينك على تحقيق النجاح مالم تثق في نفسك وفي قدرتك على تحقيق النجاح .
فالثقة بالنفس عامل هام جداً لتحقيق النجاح ، وهذا أمر لا يختلف عليه أي من علماء النفس أو رواد التنمية البشرية والمفكرين والمثقفين .
ولكن ماذا لو قلت لك بأنَّ الثقة بالنفس هي نفسها قد تكون أهم أسباب فشلك وضياع أهدافك وأحلامك !!!
لا تتتعجب كثيراً من هذه الإفتراضية التي ذكرتها ، لأنَّها حقيقية بالفعل .
لذا أنصحك بالتحلي بالصبر قليلاً وإكمال المقال للنهاية لفهم حقيقة هذه الإفتراضية .
فمزايا ونتائج الثقة بالنفس متنوعة , وقد تحدث عنها الكثير ، لكن قليل جداً من تحدث عن أضرارها ، فتابع المقال للنهاية ….
قصة للشرح والتوضيح

شابٌ يتحدث دائماً مع الآخرين عن إنجازاته الفكرية ، ودائماً ما يبالغ في تمجيد عبقرية أفكاره واستشاراته في مجال الأعمال .
فتجده في مجال الأعمال يتحدث عن العديد من الأفكار المتنوعة للمشاريع المربحة جداً ، ويتحدث عن الشركات التي خسرت الكثير بسبب عدم تنفيذ أفكاره العبقرية والمربحة جداً .
وعندما يناقشه أحد ويوضح له خطأ أفكاره ، فإنَّه يتهم هذا الشخص بقلة الفهم وعدم المقدرة على الرؤية المستقبلية لأفكاره التي تسبق إمكانياتهم العقلية على الإستيعاب .
فكانت ثقته بنفسه قوية جداً , ولديه العديد من الأفكار التي تستطيع أن تقول أنَّ أغلبها معقول ، والباقي ليست مفهومة أو ليست واقعية على الإطلاق .
ومع كل هذه الأفكار ، هل أفاد نفسه ببعضها ؟!
للأسف هذا الشخص كان يرىٰ نفسه مستشاراً أو شريكاً لرجال الأعمال ، وكانت أغلب الشركات ترفض التعامل معه لأنَّ أفكاره غير مفهومة وليست واقعية .
كان مؤمناً بأنَّ قدراته الفكرية لم يستطع أن يقدرها أحد حتى الآن ، ويتحدث مع الأصدقاء والأهل عن خسارة هذه الشركات ، حيث يرىٰ أنَّهم لم يستوعبواْ قدراته الفكرية .
والنتيجة أنَّه عاطل عن العمل وأهله يصرفون عليه ، كما أنَّه مديون للكثير من الأهل والمعارف بسبب سداد إحتياجاته .
وكلما نصحه أهله بضرورة العمل في أي مجال ، يرد بثقة قوية بأنَّ فرصته لم تأتي بعد ، فلم يفهم بعد أي رجل أعمال أفكاري ، كبار الناجحين إنتظرو كثيراً حتى تم فهمهم وتقديرهم ، وأنا أيضاً أنتظر .
الثقة بالنفس وعلاقتها بالإصرار على النجاح

الثقة بالنفس والإصرار على هدفك أمر مطلوب من أجل تحقيق أي نجاح في الحياة ، لكن هل أنت تسير في الطريق الصحيح ؟
هذا هو محور المقال …..
فالبعض يقرأ العديد من الكتب التي تحفزه على الإصرار والتمسك بالهدف ، لكن هل هدفك الذي تسعىٰ إليه يناسب قدراتك وإمكانياتك ؟
وهل أنت لديك ما يؤهلك لتحقيق هذا الهدف أم لا……
فالشاب الذي ذكرتهقد كان واثقاً من قدراته ومصمم أن يكون مستشاراً لكبار رجال الأعمال ، ويفوز بدخل من أرباح هذه الشركات من خلال العضوية في مجلس إدارة إحداها .
أو أن يحظىٰ بأن يكون مديراً لإحدىٰ المشاريع التي يفكر فيها ويعتقد أنَّها أفكاراً تستحق التمويل المالي من رجال الأعمال ، مقابل الشراكة في الارباح .
وهذا الشاب لو أنَّه سمح لنفسه أن يفكر قليلاً في هدفه هذا ، لاكتشف أنَّه يمتلك موهبتين يستطيع أن يحقق منهما النجاح المادي والمعنوي .
فالأولىٰ :- أنَّه يستطيع أن يكون رجل أعمال ، لكن سيتطلب ذلك أن يبدأ من الصفر ، وهذا مايرفضه ، لأنَّه مصمم على أنَّ قدراته أعظم من أن يهدرها في مشروع يحتاج إلى سنوات للنمو .
والثانية :- يمكنه أن يستفيد من موهبته في خلق أفكار متعددة ويحولها إلى كتاب ، وهذا الكتاب سيحقق له أرباحاً وشهرة تؤهله لتأليف العديد من الكتب أو إلقاء محاضرات في الإدارة والتنمية البشرية .
لكن كيف له أن يحقق النجاح في أي من الموهبتن ، سواء الإتجاه للأعمال ، أو الإتجاه التأليف وإلقاء المحاضرات …..
هناك إجابات لكل موهبة على حدة ، لكن هناك إجابة مشتركة للموهبتين ، وهي محور المقال….
تنازل عن ثقتك بنفسك قليلاً

ألا وهي :- التنازل عن ثقته بنفسه …….
فيجب أن لا يثق بنفسه بطريقة مبالغة ، هذه الثقة التي جعلته لايرىٰ الحقيقة ولا يرىٰ نفسه ، ولا يرىٰ قدراته الحقيقية .
إنَّ المبالغة في أي شيئ تؤدي إلى نتائج عكسية ، فالثقة بالنفس بمبالغة ستجعلك ترىٰ أنَّك وصلت للقمة ولا تحتاج إلى التعلم أو الإكتشاف .
فالشاب رغم خطأ الطريق الذي يسلكه فإنَّه لايرىٰ ذلك ، فعلى الرغم من النصائح التي وجهت له إلَّا أنه أصيب بداء الإكتفاء الفكري والثقافي .
فهو يرىٰ أنَّه قد حقق الإنجازات الفكرية العظيمة ، ويعتقد أنَّ من ينصحه لا يمتلك من القدرات العقلية ما يؤهله لفهم عبقرية أفكاره وعبقرية أهدافه .
وهذه كارثة يسقط فيها الكثير ، كارثة أن تكون حافظاً للتعليمات العلمية والفكرية لا فاهماً لها ……
فالكثير يحفظ تعليمات الإصرار والعزيمة على تحقيق الأهداف ، والقيام بتحقيقها مهما واجهه من عوائق وتحديات دون فهم.
فالإصرار على تحقيق الأهداف مهما كانت العقبات هو من أعظم أسرار النجاح ، لكن تذكر أنَّ هناك خيط رفيع جداً يفصل بين الإصرار وبين الحماقة .
وللتوضيح أكثر أذكر هذا المثال لرجل أراد إصلاح مكبس كهرباء ، هذا المكبس به ماس كهربائي كلما اقترب من إصلاحه يتعرض للصعق الكهربائي .
ثم يعيد الكرة مرة أُخرىٰ دون مبالاة لنصائح وتحذيرات الآخرين له بأنَّ عليه أن يفصل التيار الكهربى عن المنزل ثم يقوم بالإصلاح .
فهو يرىٰ أنَّ أفضل طريقة لمعرفة توقف هذا الماس وإصلاح الكابس يكون عن طريق الإصلاح أثناء توفر التيار ، فإعتقاده صحيح ولكن……
يمكنه أن يفصل الكهرباء ثم يصلح ويقوم بإعادة التيار للتجربة ، لكنه يعتقد أنَّ هذا مضيعة للوقت وسيتم الإصلاح بجودة أقل .
هذا عزيزي القارئ ليس إصراراً ، بل حماقة…..
مفهوم الإصرار على النجاح

فالإصرار ععلى تحقيق الأهداف يكون بعد دراسة الهدف ، ودراسة إمكانية تحقيقه ، فلا يمكن أن يكون هدفك هو نقل منزلك من المنطقة التي تعيش فيها لكي تنقله كما هو لمنطقة أُخرىٰ .
هذه أهداف حمقاء ، لأنَّها أهداف غير قابلة للتحقيق .
فبعد دراسة إمكانية تحقيق الهدف عليك أن تدرس قدراتك أنت على تحقيقها ، فلا تجعل لنفسك هدف أن تكون رساماً كبيراً وأحد أهم الرسامين في العالم ، وأنت لا تمتلك موهبة الرسم من الأساس .
هذا ليس هدفاً وإنما أحلام يقظة وأوهام ……
وبعد دراسة قدراتك وإمكانياتك عليك أن تضع الخطط اللازمة لتنفيذها …..
هكذا تكون الأهداف ، وعليك أن تتنازل قليلاً عن ثقتك بنفسك
بمعنىٰ أن تكون علىٰ إستعداد تام بالإعتراف بخطأ هدفك وأن تتوقف لتغيير هدفك أو تغيير طريقة تحقيق هذا الهدف …
ومن عوامل التنازل عن الثقة المبالغ فيها بالنفس هو أن تكون معترفاً ومؤمناً بإمكانية خطأك ، ووجوب التنازل عن كبريائك لتعترف بهذا الخطأ لكي تقوم بتصحيحه .
فالعلماء هم المثل الأعلى في هذه النقطة بالتحديد ، حيث دائماً لديهم الشك بسبب تعدد الأفكار والمعلومات .
فتنوع المعلومات والأفكار تسمح للعقل بسهولة إختيار عدة طرق ، كما أنَّها تسبب الإيمان الذاتي بوجود أخطاء محتملة .
لكن الأهداف تكون واجبة التحقيق والتنفيذ ، فبعد إتباع الخطوات اللازمة لإختيار الهدف الصحيح , حينها يكون التنفيذ ضروري ولا رجوع عن تحقيقه مهما كانت العقبات .
فالهدف ثابت , لكن الطرق هي التي تكون قابلة للتعديل أو التغيير ، فإذا كان هدفك أن تكون رجل أعمال فهناك مئات الطرق التي تؤهلك لذلك ، وليس طريقاً واحداً .
مفهوم التنازل عن الثقة بالنفس

التنازل عن الثقة بالنفس هو نفسه الوصول لقمة الفكر والإبداع ، فأصحاب العقول المثقفة والمبدعة هم الذين يمتلكون المرونة الفكرية .
وهذه االمرونة الفكرية هي التي تؤدي إلى التوازن بالثقة بالنفس ، هذا التوازن معناه أن تثق في نفسك بأنَّك تستطيع أن تفعل ، وفي المقابل تكون مستعداً فكرياً ونفسياً على التعديل أو التبديل إن لزم الأمر .
فالمرونة هي أن تكون مستعداً بخطط لمواجهة مايطرأ عليك حسب الظروف المتغيرة .
فالحياة لا تسير علي وتيرة واحدة ، وأنت عليك أن تكون مستعداً للتغيير وفق أهدافك .
فالأهداف لا تتغير ، وإنما الوسائل هي التي يمكن أن تتغير حسب الظروف ، بشرط أن يكون هدفك تنطبق عليه شروط القابلية للتحقيق والتنفيذ التي ذكرناها
تابعونا لقراءة العديد من المقالات المُلهمة للنجاح في مدونة استيقظ