مقياس النجاح والفشل
مقياس النجاح والفشل

محمد وأحمد شابان في متوسط العمر ، تخرجا من دراسة برمجة الحاسب الآلي ، جمعهما حلم واحد يسعون لتحقيقه ، وكانو متحمسين لتنفيذ هذا الحلم .

كان حلم وهدف محمد أن يبرمج تطبيق إلكتروني عبارة عن أسئلة وأجوبة ، مُستوحىٰ من برنامج من سيربح المليون .

وتكون المسابقة في هذا التطبيق مفتوحة ومتنوعة ، يحتوي على أسئلة ثقافية في كافة المجالات ، وتوجد إجابات هو الذي يضعها .

ومن يقوم بتحميل التطبيق يختار الإجابة الصحيحة من كل الأسئلة ، وبالطبع سيجني محمد أرباحاً مالية من خلال الإعلانات الموجودة داخل التطبيق وعدد التحميلات .

أمَّا أحمد فكان يهوىٰ الكلمات المتقاطعة ، وبناءاً على هذا قرر أن يبرمج تطبيقاً للكلمات المتقاطعة ، ويكون عبارة عن مستويات ، كل مستوىٰ يحتوي على ألغاز الكلمات في شتىٰ المعلومات .

وبعيداً عن البرمجة التي أجادها كلاهما من خلال الدراسة والدورات التدريبية ، فإنَّ الأمر يحتاج إلى ثقافة متنوعة معقولة لكي يؤسسو مشاريعهم .

بالطبع يحتاج كلا التطبيقين إلى مستوىٰ معقول من الثقافة العامة ، سواء تطبيق الكلمات المتقاطعة ، أم تطبيق مسابقات الأسئلة العامة .

وكلاهما على درجة معقولة من الثقافة والمعلومات العامة إضافة إلى البرمجة ، لكن ينقصهما فقط نقطة الإنطلاق نحو برمجة التطبيقات .

بداية العمل بعد الإعدادات

بداية العمل بعد الإعدادات
بداية العمل بعد الإعدادات

شرع أحمد في تنفيذ فكرته بالفعل وبدأ ببرمجة التطبيق أولاً , ثمَّ انتقل إلى المرحلة الثانية وهي وضع الغاز الكلمات المتقاطعة .

كان قد وضع ألغاز لعدة مستويات , ورأى أنَّ هذه المستويات تصلح للبداية …….

وبالفعل قام بتجهيز التطبيق ليكون متاحاً للتحميل من الجميع , وبدأت الإعلانات في الظهور بما يحقق له بعض الأرباح , بالطبع لم يحقق أرباحاً مرضية في البداية .

لكنه لم ييأس بسبب الأرباح الضعيفة جداً , ففكر في ضرورة الإعلان في جميع المواقع عن تطبيقه لتحفيز المشاهدين على تحميله .

وبالطبع قام بدفع مبلغ مالي كبير إلى حد ما للدعاية عن تطبيقه , لكنه كان يعلم أنَّ هذا ضروري من أجل أن يُشهر تطبيقه , وبعد أن يتم تحميله من الكثير فسوف يجني أرباحاً تعوض ما دفعه بكثير .

المماطلة والتأجيل حتى التعطيل

المماطلة والتأجيل حتى التعطيل
المماطلة والتأجيل حتى التعطيل

أمَّا محمد فالوضع بالنسبة له مختلفٌ تماماً……

محمد يجيد وضع الخطط بصورة دقيقة ، ويُجيد التفكير بصبر طويل ، فهو يطيل التفكير في أمرٍ واحد من عدة إتجاهات ويضع كافة الإحتمالات المستقبلية .

فهو يفكر في كل تفصيلة عندما يكون عازماً على أمر ما ، وفي حالة التطبيق فقد قام بالتفكير ووضع كافة الإحتمالات المستقبلية بصورة دقيقة جداً .

فبدأ بالتفكير في كيفية تنفيذ الفكرة لواقع ملموس ، هذا الواقع يتمثل في تطبيق متكامل في إختبارات الأسئلة العامة ، وفي كيفية إنتشاره .

وبدأ بتساؤل إن كان التطبيق يستحق هذه المغامرة الغير مضمونة أم لا ، وماهو العائد عليه من هذا التطبيق معنوياً ومادياً ، وهل سينجح هذا التطبيق في الإنتشار أم لا ….

ظل يضع العديد من النقاط التي يدرسها جيداً ويطيل فيها التفكير ، حتى وصل إلى نتيجة فقدان الحماس لهذا المشروع الذي لم يبدأ فيه بعد .

فقد توقع إحتمالات عديدة للفشل وللنجاح ، ووجد عقبات كثيرة عليه أن يتجاوزها ,ثمَّ بعد أن يتجاوزها جميعاً فإنَّ المكاسب المادية والمعنوية ليست مضمونة .

لذلك إتخذ القرار النهائي بعدم خوض هذه التجربة التي ستضيع وقته ومجهوده هباءاً ، وبدأ بالتفكير في هدف جديد يقوم بالتخطيط والإعداد المُتقن لتنفيذه .

المبالغة في التفكير والتخطيط

المبالغة في التفكير والتخطيط
المبالغة في التفكير والتخطيط

لعلك تقول عزيزي القارئ إنَّ التفكير والتخطيط والدراسة هم أصل نجاح أي هدف نسعىٰ لتحقيقه ، وعليه فإنَّ محمد أجاد التصرف عندما قام بالبحث والدراسة .

لكنَّك أغفلت حقيقة واقعية ياعزيزي القارئ ! …. هذه الحقيقة تتمثل في مفهوم النجاح الحقيقي في أي مجال من مجالات الحياة .

فالنجاح الحقيقي يتم إثباته بالعمل والتنفيذ على أرض الواقع , فلا إعتبار لأي خطط أو أفكار أو ثقافة أو مستوى ذكاء مرتفع دون تنفيذ .

فالنجاح يُقاس بشيئ ملموس تراه الأعين أو نشعر به , فالأفكار متوفرة عند الكثير , لكن القليل من يجعل من هذه الأفكار نجاحاً ملموساً .

فأحمد ومحمد كلاهما يمتلكان مهارة البرمجة ومستوى الثقافة المطلوبة لتنفيذ أفكارهم , لكن أحدهما بالغ في التفكير والحسابات والآخر بدأ بالتنفيذ .

فمحمد وأحمد متساويان من الناحية الفكرية والنفسية والثقافية وكافة متطلبات النجاح , لكن هناك فرق بسيط بينهما هو الذي حدد طريق كل منهما على حدة .

مفهوم النجاح والفشل
مفهوم النجاح والفشل
مفهوم النجاح والفشل

فبمفهوم الواقع والحياة فإنَّ حمد هو شابٌ ناجح , وبنفس هذا المقياس فإنَّ محمد هو شخص فاشل ….

والحكم يكون بتنفيذ نجاح ملموس , فنحن أمامنا الآن تطبيق ألغاز عن الكلمات المتقاطعة , قام ببرمجته وإعداده أحمد , هذا هو الواقع الذي نراه ونلمسه .

أمَّا محمد فلا نراه ولا نرى له أي نجاح , فلذلك يعتبر شخص هاوي وواهم و فاشل .

لا قيمة لعبقرية محمد وعبقرية أفكاره وقدراته العظيمة على البرمجة وبحر الثقافة التي يسبح بها , فكل هذا لا قيمة له على الإطلاق .

فرغم الأهمية العظمى للقراءة والتخطيط والتدريب والإصرار والدافع , إلَّا أنَّ هذا كله يعتبر هراءات وأوهام إذا لم يتم تنفيذها على أرض الواقع .

فإذا كنت طالباً جامعياً ودخلت قاعة إمتحانات آخر العام , فما هو المطلوب منك بالضبط أن تفعله ؟!

بالضبط كما قلت …… عليك أن تُجيب على أسئلة الإمتحانات من أجل النجاح ونيل تقدير مرتفع .

لكن كيف سيكون مستقبلك الجامعي حينما تدخل الإمتحان وتقرأ الأسئلة وتكتشف أنَّك تعرف الإجابة على جميع الأسئلة , لكنَّك إمتنعت عن كتابة هذه الإجابة .

وعند إعلان النتيجة تصرخ من رسوبك وتتهم أستاذ المادة بأنَّه ظلمك , فتذهب لإجراء تظلم لإثبات أنَّك كنت تعرف إجابة جميع الأسئلة .

فهل تعتقد أنَّ هذا سيفيدك لكي تنجح ؟!

بالطبع لن تنجح وسترسب بكل جدارة في هذه المادة .

فكيف يعرف أستاذ هذه المادة بأنَّك تعرف الإجابة ؟!

الواقع الملموس لدى أستاذ المادة هو أنَّك لا تعرف الإجابة , لذلك أعطاك صفر بكل ثقة وفخر واطمئنان في هذه المادة .

أنظر ماذا فعلت في نفسك , لقد اجتهدت وسهرت الكثير من الليالي من أجل مذاكرة هذه المادة , ونتيجة هذه المذاكرة أنَّك أحطت علماً بهذه المادة .

بحيث لو تم مناقشة هذه المادة مع لجنة من أساتذة الجامعة فسوف يجمعون على تفوقك وإلمامك الشديد بها …..

لكن كل هذا رغم أهميته القصوى , إلَّا أنَّ مذاكرتك لهذه المادة لا قيمة لها .

لأنَّ إثبات إلمامك التام لهذه المادة هو النجاح في آخر العام وتحقيق تقدير مرتفع .

بالطبع معرفتك التي حصلت عليها من هذه المادة ستستفيد منها , لكن الفائدة لاقيمة لها بدون تطبيقها على أرض الواقع , ناهيك عن ضرورة النجاح في الإمتحان .

كذلك الحياة والمجتمع …..

كيف يرى المجتمع النجاح
كيف يرى المجتمع النجاح
كيف يرى المجتمع النجاح

فالمجتمع لا يرى الأفكار والمجهودات والمعلومات , المجتمع لا يعترف إلا بالنجاح الذي يراه .

فتوقف عن الأسى على أحوالك وعن الأقاويل الفارغة حول أنَّك أذكى من هذا الذي حقق النجاح , أو أنَّك تمتلك مقومات وقدرات أقوى منه بكثير .

ثم تلعن الظروف والحياة وتقول إنَّه حظ .

كلا عزيزي القارئ ليس حظاً , ولا أنكر قدراتك ومهاراتك وثقافتك وذكائك , ولكن لابد من أن تحقق شيئاً حتى يقال بالفعل أنَّك ناجح .

فبدون تحقيق أي هدف في الحياة فأنت لست ناجحاً , هذه حقيقة عليك أن تكون صريحاً مع نفسك لتقبلها .

هل تعلم هؤلاء الأشخاص الذين يرمقهم المجتمع ويسيئ إليهم ويعاملهم بازدراء , ثم يحققون نجاحاً في حياتهم فتنقلب رؤية المجتمع إليهم بعد نجاحهم ؟! .

فتتبدل نظرات الإحتقار بنظرات الإعجاب , والإزدراء بالإطراء , رغم أنَّهم لم يختلفو عن سابق عهدهم بهم , هم نفسهم الاشخاص بهيئتهم وأفكارهم وطبائعهم .

الأمر أنَّهم رأو النجاح بأعينهم ولمسوه , فتحولت نظراتهم لهم من أنهم فاشلين إلى أشخاص ناجحين ولسان حالهم يقول لم نكن نقدرهم ونقدر عبقريتهم وثقافتهم .

فالأمر ماتراه الأعين , أما الأفكار فهي من السرائر التي يراها إلا رب العالمين سبحانه وتعالى .

فإن أردت النجاح فعليك أن تفعل شيئاً , فعدم فعل شيئ لأي سبب كان هو سبب الفشل .

فالفرق بين الناجح والفاشل يكمن في من يقوم بالتنفيذ ويبدأ العمل .

فقد تجد شخصاً حاد الذكاء ولديه بحر من الثقافة والأفكار , ورغم ذلك لا يفعل شيئاً بهذه الثقافة والذكاء , ولم يحقق أي إنجاز في حياته .

وفي المقابل تجد شخص ذكاؤه وثقافته محدودة لكنه ناجح في حياته لأنَّه خاطر وقرر أن يبدأ وينفذ أفكاره وأهدافه بكل جرأة وحسم .

فإن أردت النجاح فعليك بالقراءة والتخطيط , لكن عليك أن تعلم تماماً أنَّ النجاح من نصيب من يمتلك الشجاعة أن يعمل .

فابدأ الآن ولا تُماطل أو تبالغ في التفكير وحساب العواقب , تجرأ للبدأ والعمل من الآن فهذا هو بوابة النجاح التي يخرح منها شعاع الفكر والتخطيط والثقافة التي تمتلكها جميعا .

تابعونا لقراءة العديد من المقالات الملهمة للنجاح في مدونة استيقظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!