حدد أهدافك من التفكير
حدد أهدافك من التفكير

تحديد أهدافك من التفكير هو أمرٌ ضروري جداً من أجل النجاح والسعادة في الحياة .

فهو نتاج العقل الذي هو أصل التكليف الذي سنُحاسب عليه يوم القيامة .

وعلينا أن نُطور قدراتنا على التفكير بفاعلية وبإيجابية كل يوم , وذلك من خلال الدراسة والبحث عن كيفية إستخدام العقل الواعي والباطن .

فعن طريق التحكم بالعقل الواعي والباطن سنتحكم في أفكارنا , وقد تحدثتُ عن هذا الأمر في مقالٍ سابق .

وما يُمَيز الأذكياء عن غيرهم هو طريقة تفكيرهم ونوعية الأفكار التي يستخدمونها في حياتهم اليومية .

فالتحكم في الأفكار هو قُدرة كبيرة تنُم عن ذكاء الشخص وقوة إرادته .

ولكن ماذا لو قُلت لك بأنَّ أفكارك وذكائك قد يكونو سبباً في فشلك وتعاستك في حياتك ؟!!!

هل هذا الأمر غريباً بالنسبة لك ؟!!!.

إذاً أكمل معي قراءة هذا المقال لفهم حقيقة الأمر ……

المبالغة في التفكير

المبالغة في التفكير
المبالغة في التفكير

حدد أهدافك من التفكير

وسوف أضرب لك مثالاً توضيحياً عن قصة شاب أسمه أسعد , وهي من وحي خيالي من أجل توضيح الأمر بمنتهى البساطة .

أسعد هو شابٌ ذكي يشهد له الجميع بذكاءه الحاد , ولكنَّ أسعد رُغم ذكاءهِ الحاد إلَّا أنَّه لم يُحقق نجاحاً حقيقياً في حياته .

فعندما يجتمع مع آخرين من أجل حل مشكلةٍ ما , فإنَّه يبالغ كثيراً في التفكير , فحينما يُبدي الآخرين حلولاً فإنَّه لا يزال يُقلِّب الأمر في رأسه .

الأمر الصحيح الذي يفعله هو التفكير , ودراسة أي أمرٍ من أكثر من جانب , وإنتاج أكثر من فكرة من أجل الوصول لأفضل الحلول .

ولكنَّ الأمر لديه كان مُبالغاً فيه بصورة كبيرة جداً .

فكان أسعد يقرأ كثيراً في كتب التنمية البشرية , ويُحاول أن يُطبقها في حياته العملية .

 وكان من أهم ما تعلَّمه من هذه الكتب هو توليد التفكير الإبداعي , فكان يُحب أن يجلس مع نفسه في غرفته ويتدبر الحياة من حوله .

كان يؤمن بأنَّه يجب أن يُشغِلِ عقله كثيراً لكي يعمل على تطويره وتنميته , وهذا أمرٌ جيد تماماً .

الذكاء لا يؤدي للنجاح دائماً

الذكاء لا يؤدي للنجاح دائماً
الذكاء لا يؤدي للنجاح دائماً

حدد أهدافك من التفكير

ولكن أكمل معي للنهاية فالأمر لا يسير جيداً مع أسعد ……….

 فإنَّ حياة أسعد مليئة بالأفكار , فعندما كان يُدير مشروعاً تجارياً مع صديقه شوقي , كان هذا إحتفالاً كبيراً لشوقي .

فقد كانت هذه الشراكة إنجاز عظيم حققه شوقي , عن طريق إقناع أسعد بمشاركته .

وكان السبب كما تعتقدون بالفعل , ذكاء وأفكار أسعد .

كان شوقي يعتقد أنَّ ذكاء وأفكار أسعد ستكون كنزاً عظيماً له سيستفيد منها كثيراً لجلب الأرباح الكثيرة من هذه الشراكة .

ولكن حدث مالم يُخطط لت شوقي , فعندما كان يجتمع أسعد وشوقي مع بعض الموظفين أو العملاء من أجل إتخاذ قرارٍ ما ……

 فإنَّ أسعد كان يُوقِف هذه الإجتماعات أو يُعطلها أو يُفشِلها .

وكان يفعل ذلك بسبب التريث في إتخاذ القرار , فكان يُطالب بالمزيد من التفكير والدراسة .

وكان يُطالِب الموظفين بالعديد من الأبحاث لدارسة الصفقة التي بسببها تم الإجتماع .

وعندما يتم الإقتراب من إصدار القرار يتفاجأ الجميع بأسعد وهو يكتشف بعض الثغرات .

أو يكتشف أفكار أفضل , وعندها يتم إلغاء القرار والتمهُل من أجل دراسة الفكرة الجديدة .

ولأنَّ أسعد يُجيد إنتاج العديد من الأفكار , ودائماً ما يُطورها , فإنَّ الفكرة الأفضل التي تم التوصُل لها يعقبها فكرة أفضل أو إكتشاف عيب .

نتائج عدم التحكم في الأفكار

نتائج عدم التحكم في الأفكار
نتائج عدم التحكم في الأفكار

حدد أهدافك من التفكير

ظل الوضع على هذا الحال في أغلب القرارات الإدارية بالشركة , وأخيراً توصل شوقي لسبب الخسائر الفادحة للشركة .

فقد كان أسعد الذي سعى شوقي كثيراً لشراكته هو سبب هذه الخسائر الفادحة .

إنَّ التردد والتأخير في إتخاذ القرارات كان يُعطي إنطباعاً سيئاً لدى العملاء والموظفين .

أمَّا العملاء فكانو يتهربون من التعامل معهم بسبب عدم قدرتهم على إتخاذ قرار , وهذا في عُرف الأعمال يُعد فشلاً إدارياً كبيراً جداً .

أمَّا الموظفين فكانت التوجيهات المتعددة تُعطيهم إنطباع بأنَّهم أغبياء ولا يُجيدون التصرف .

فكانت النتيجة إمَّا أنَّ الموظفين يُنفذون الأوامر دون تفكير , لإعتقادهم بأنَّ أفكارهم لا قيمة لها , وهذا الإعتقاد يُضر بالموظفين وبالشركة.

وإمَّا أنَّ الموظفين كرهو هذا العمل بسبب هذا التشتت والتقليل من قيمتهم وأفكارهم , فيُخفون أفكارهم كُرهاً في هذا العمل .

إنَّ أسعد موجود في حياتنا , فهناك مئات الآلاف من أسعد في حياتنا الذين يُجيدون التفكير , لكن لا يُجيدون التنفيذ .

فالذكاء والأفكار سلاحان ذو حدين , فإمَّا أن يكونو سلاحان قاتلان لك , وإمَّا دِرعاً حصيناً لك .

وهناك فرق يجب أن تعرفه بين الحسن والأحسن ……

فالحسن :- هو النجاح الذي تُحققه في أمرٍ ما وتسعى بجهدٍ من أجل تحقيقه , وللتوضيح سأقول إنًّ النجاح في هذا القسم سيحتاج منك مثلاً قطع 5 كيلو متر للوصول إليه .

أمَّا الأحسن :- فهو التقدُّم وتخطي درجة الحسن , بمعنى أن تتخطى مسافة ال 5 كيلو متر .

فالكثير يعتقد أنَّه عند تحقيقه مسافة ال 5 كيلو متر مثلاً , فإنَّه قد وصل إلى قمة النحاح في هذا الأمر .

وهذا هو الفرق بين الناجح والمتفوق , فالناجح يصل إلى 5 كيلو متر ويحتفل بهذا الإنجاز , أمَّا المتفوق فلا يكتفي بذلك .

بل يقطع مسافة 7 كيلو متر , ثمَّ يُطور من نفسه ليتخطى هذه المسافة ويصل إلى مسافة ال 10 كيلو متر , ثم يسعى ليتخطى هذه المسافة , ثم يتخطى ويتخطى …..

وهذا الأمر حدث مع أسعد , الذي اعتقد أنَّ توليد الكثير من الرؤى والأفكار هو الهدف الأسمى .

السر في تحديد الهدف من التفكير
السر في تحديد الهدف من التفكير
السر في تحديد الهدف من التفكير

حدد أهدافك من التفكير

فأسعد جعل هدفه في حياته التفكير , ولا يجب أن يكون الأمر هكذا دائماً , فجعل هدفك التفكير يكون بمواضع مُحددة .

أن تجلس كل يومٍ مثلاً مع نفسك لتطوير أفكارك , وقد تحدثت عن كيفية تنفيذ هذا الأمر في مقالٍ سابق .

ولكن عندما تتعامل مع الحياة يجب أن تُغير هدفك , فمثلاً أسعد في إجتماعات العمل كان هدفه الأفكار .

والأصل أن يجعل هدفه الوصول لقرار , وليس إنتاح الأفكار ……

هذا السطر وإن كنت تراه بسيطاً إلَّا أنَّه كنزٌ ضخمٌ جداً إن استوعبته جيداً .

أعرف أنَّك تسأل نفسك الآن …. ما الفرق بين أن يكون الهدف إنتاج أفكار أم إتخاذ قرار ؟!!

إنَّ برمجة العقل على هدفٍ فكري محدد له أثرٌ شديد على تكوين الشخصية والأفكار وتوجيهها .

فلو أنِّ أسعد بَرمجَ عقله على الوصول لقرار حاسم , لكانت أفكاره مُحددة , لأنَّه إن كان هدفه إنتاج أفكار فسوف يُنتج 20 فكرة .

وهذه ال20 فكرة سيُطورها لتصل إلى 30 فكرة , لأنَّ الهدف عام وشامل وغير مُحدد , لذلك كان يُنتج أفكار بعيدة تماماً عن موضوع الصفقة الحالية .

أمَّا إن بَرمجَ عقله على الوصول لقرار , فإنَّ ذلك يؤدي إلى إنجاز أمرين :- 

أولا / تضييق نطاق الأفكار :- فبدلاً من إنتاج 30 أو 40 حول حالة عدم الإلتزام بالوقت , أو عدم الإلتزام بالجودة أو ……

فإنَّه في هذه الحالة سيكون لديه 5 أفكار حول أمرٍ واحدٍ فقط , وهو كيف يتم إتمام الصفقة .

بعد ذلك يتم مناقشة كل الأفكار مع شريكه , وفي الغالب تكون أفكار غير واقعية .

ثانياً / الجودة في الأفكار  :- فإنَّ تشتيت العقل في 30 فكرة لن يكون بنفس جودة إنتاج 5 أفكار .

فأسعد لو طبَّقَ ذكائه وأفكاره في هذه الأفكار ال5 , لأصبح من كبار رجال الأعمال .

تشتيت العقل يُعيق النجاح
تشتيت العقل يُعيق النجاح
تشتيت العقل يُعيق النجاح

حدد أهدافك من التفكير

فتشتيت العقل بالعديد من الأفكار سيؤدي إلى تشتيت صاحبها وعدم تنفيذ أي منها , لأنَّه سيكون استهلك قواهُ العقليه بالكثير من الأفكار التي لا نفع منها .

فعليك أنْ تُحدد هدفك من الأفكار , ولا تُهدر طاقة عقلك بأنتاج أفكار لا نفع منها , والتي سوف تؤدي إلى إضعاف عقلك في النهاية , لأنَّ العقل يحتاج إلى بعض الراحة .

وهذا سبب أنَّ الكثير من الأشخاص الأذكياء ليسو ناجحين في حياتهم .

وفي المقابل تجد من هم أقل ذكاءاً حققو السعادة والنجاح في حياتهم .

لأنَّ الفرق هو الهدف من التفكير , فأسعد كان هدفه أن يُفكر فقط , أمَّا شوقي الذي كان ذكاؤه أقل من أسعد كان هدفه نجاح شركته .

فكان تركيزه على شركته , وكان عقله في نِطاقٍ مُحدد من الأفكار .

وختاماً أود أن أقول لك بأنَّ أسعد وشوقي كلاهما ناجحان في حياهما .

فأسعد ناجحاً في أفكاره وذكائه , لكنَّه كمن يُمسك خرطوم مياه ليملأ صندوقاً كبيراً به ثقوب , فأفكاره هي هذه المياه الغزيرة التي لا تنتهي بسهولة .

وواقعه هو ذاك الصندوق الذي لن يمتلئ أبداً مهما طال به العمر مُمسكاً بخرطوم المياه .

أمَّا شوقي فأحضر صندوقاً صغيراً لكنَّه أحكم إغلاقه حتي يتم ملؤه جيداً , رُغم أنَّ المياه لديه محدودة .

فالمياه هنا هي الأفكار والذكاء , والصندوق هو الحياة الواقعية .

فتعلَّم أن تجمع بين أفكار أسعد وأهداف شوقي , عندها ستُسَطِرَ حياتك في صفحات الناجحين والعُظماء .                                                                     

تابعونا لقراءة العديد من المقالات المُلهمة للنجاح في مدونة استيقظ 

لا توجد أراء حول “حدد أهدافك من التفكير”
    1. صدقت
      فمساعدة الآخرين لن تؤذيك , بل هي مفيدة لك حيث ستعود عليك الفائدة بالخبرة وتعدد الأفكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!