لا تتمسك كثيرا بأهدافك
لا تتمسك كثيرا بأهدافك

 شاب طموح لديه أحلام كبيرة يُريد تحقيقها عبر الإذاعة التلفزيونية , فلقد كان حلم حياته أن يُصبح مُحاوراً إعلامياً .

والتحق بالفعل بكلية الإعلام كبداية لتحقيق حلمه , وبعد التخرج تقدم إلى العديد من المحطات الفضائية للعمل بها مُراسلاً , فقد كان عليه أن يبدأ كمراسل إخباري , ثم بعدها يُصبح مُذيعاً ثم بعدها يُحقق حلمه بأن يكون له برنامج خاص ويستضيف شخصيات مشهورة لإجراء حوارات معهم  .

وكان يجتهد كثيراً في القراءة والتدريب حول هذا الأمر .

يجتهد لكنه لا ينجح

ولكن للأسف كُلَّما تقَّدم للعمل بأي محطة يرسب ويُقال له أنه لا يصلح للعمل كمراسل أو مذيع  .

كان يتعرض للإحباط في كل مرة يتم رفضه فيها , ولكنه كان يتلقى التشجيع والإصرار على تحقيق هدفه من أهله ومن بعض المُقربين له  .

وكان يقرأ عن سير الشخصيات الناجحة فيتعلم منهم الإصرار والتمسك بالهدف حتى يتم تحقيقه  .

ورفض الزواج من أجل تحقيق هدفه , وكان يملك مالاً من أبويه وشقة , قام بصرف المال وبيع الشقة من أجل تحقيق حلمه الذي يتمسك به , حيث قال له البعض بأنَّ عليه أن يدفع مالاً حتى يتحقق هدفه  , حيث أقنعوه بأن سبب رفضة هو أنه لا يتوسط عند أحد من أجل التعيين , وأنَّ الذين دفعو المال هم الذين تم قبولهم  .

وبعد رفضه لهذا الحل أُضطر إلى تنفيذه أخيراً  , وكالعادة كان الرفض  .

عَمِلَ بمطعم من أجل نفقاته , ولم يتراجع عن حلمه , وظل هكذا طيلة خمس سنوات  .

 خلالها عَرضَ عليه أحد أصدقائه بالجامعة بأن يعمل معه بالصحيفة الإخبارية , وقال له بأنه موهوبٌ في الكتابة , وإذا عمل صحفياً سيكون له شأنٌ عظيم  , ولكنه كان يرفض دائماً , ويقول أنا أعمل بمطعم وأرفض العمل بالصحافة لأنني إن فعلت ذلك سأنسى حلمي وأتخلى عنه , فعملي بالمطعم سيُذكرني دائماً بحُلمي

وفي يوم من الأيام , عرضت قناة فضائية فُرصة عمل لمُراسلين ومُعدين برامج , وتم ترشيحه لاختبارات الإعداد وليس المُراسلة , ورغم أنه كان رافضاً إلا أنه قرر إجراء الإختبار لعله يتقرب من تحقيق حُلمه  .

العمل مراسل

وتم توزيع المواضيع على المُتقدمين لكي يكتبو الإعداد المطلوب منهم  .

وبعد إنتهاء الوقت وعودة الجميع لمنازلهم بعد وعود بالإتصال بالناجحين , فوجئ بأنه أحد الذين تم إختيارهم للعمل مُعداً لبرنامج , ورغم حزنه بأنه تم قبوله في غير ما يتمنى , إلا أنه ذهب للقاءهم بعد إلحاح أهله بأن يبدأ من الإعداد لكي يُحقق حلمه  .

حوار مع رئيس التحرير

ذهب وتقابل مع أحد المُذيعين الذي سيعمل في برنامجه , وهُناك كان يجلس رئيس تحرير إحدى الصحف , وكان مُقرَرَاً عقد لقاء تليفزيوني بين المُذيع ورئيس التحرير , وكانو أصدقاء أيضاً , وكان المُذيع قد قرأ تقرير هذا الشاب , وأعطاه لرئيس التحرير ليقرأه , لذلك قابله رئيس التحرير قائلاً له :- هل هذه أول مرة تتقدم فيها للعمل ؟!

فأجابه الشاب بأنه يتقدم منذ خمسة أعوام , فذُهل الجميع من رده .

 فقال له رئيس التحرير :- لا يُعقل أن يتم رفضك!!! , كيف ذلك ؟!!

فقال له الشاب :- هذه أول مرة أتقدم كمُعِد , فقد كنت أتقدم كمراسل ولي حلم بأن أكون مذيعاً ومُحاوراً  .

هنا فهم رئيس التحرير مُشكلة الشاب , وحينها سأله سؤالاً غَيَّرَ مجرى حياته كلها  .

حيث قال له :- هل تعلم النقود القديمة ؟!

فأجابه الشاب :- نعم 

فقال له رئيس التحرير :- أنت تعلم أنها الآن لا قيمة لها , وأنَّك لو تملك منها الكثير فلن تستفيد منها  .

أخبرني :- أخبرني إذا كان في جيبك اليمين ألفاً من العملة الجديدة السارية , وفي جيبك اليسار ألفاً من العملة القديمة الغير سارية , وأردت شراء طقم من الملابس تحلم به , وسعره ألف , فأي ألف ستُخرجها من جيبك لسداد قيمة الملابس  ؟!!

ضحك الشاب وقال ساخراً :- هذا أمرٌ محسوم  .

فنظر لرئيس التحرير الذي يبدو عليه الجدية في حديثه , فاعتذر الشاب من ضحكته وقال :- لا أفهم المغزى من السؤال سيدي  .

هنا قال له رئيس التحرير :- كيف لا تفهم السؤال وأنت من تُحاسب التاجر بالعملة القديمة , ومصمم بأنك على حق .

تعجب الشاب أكثر وقال :- لا أفهم !!!

صدمة الحقيقة

صدمة الحقيقة

قال له رئيس التحرير :- إن كنت تقدمت لمدة خمس سنوات للعمل مُذيعاً وفشلت , فهذا معناه أنك لا تصلح لهذا العمل , وقد أضعت خمس سنوات من عمرك سعياً وراء الأوهام والسراب .

في حين أنك تمتلك موهبة عظيمة في الكتابة , إذا قمت بإستغلالها جيداً لكنت الآن أعظم من المُذيعين الذين تحلم بأن تكون مثلهم  .

فأنت بالفعل تمتلك موهبة عظيمة وهي الكتابة وهي تُعادل العملة الجديدة السارية , في حين أنك مُصمم على التعامل بالعملة القديمة الغير سارية وهي الإذاعة التي لا تصلح لها أنت .

فكل إنسان له موهبته وإمكانياته ومهاراته التي تختلف عن الآخرين , النجاح لا يعني أن تكون مثل هذا أو ذاك , النجاح أن تكون أنت بما وهبك الله من مهارات وشخصية مختلفة عن الآخرين

انس النجار

فكرة واحدة بخصوص “لاتتمسك كثيرا بأهدافك”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!