حطم قيود ماضيك
حطم قيود ماضيك

 الكثير من الناس يعيشون في سجن الماضي , ويرفضون الحرية من هذا السجن .

وبالطبع لا أقصد أنَّهم يتعمدون ويُريدون البقاء في هذا السجن القاتل , بل إنَّ المُعتقلين في هذا السجن لا يُدركون حقيقة كونهم سُجناء , لأنَّ سجن الماضي مقره الرئيسي في العقل .

فعقلك يوجد به هذا السجن القاتل , وأرجو أن لاتكون أحد هؤلاء المساجين عزيزي القارئ .

ولكن لا تتسرع وتُجيبني بأنَّك لست أحد هؤلاء المساجين , إقرأ المقال للنهاية جيداً .

إنجازات الماضي 

الكثير من الناس يعيشون على ذكريات إنجازاتهم السابقة التي حققوها , وهذا ليس خطأ .

الخطأ في هذا هو أن نسجن إمكانياتنا وذاتنا في هذه الذكريات , فمثلاً طالب في السنة الأولى من المرحلة الثانوية قد حاز على أعلى الدرجات في جميع المواد , وكان الأول على جميع الطلاب في المدرسة .

فهذا يُعد إنجازاً كبيراً يستحق التقدير والإعجاب , ثم يأتي العام الثاني وهو الطالب الأول والأعلى تفوقاً على جميع زملاءه في السنة الدراسية , ويحيا على أنغام التقدير والإعجاب من الجميع , مايدفعه للتكاسل قليلاً عن دروسه ومذاكرته , فيقل مجهوده عن السنة الأولى , لأنَّه لا يزال يحيا داخل مُتعة تفوقه في السنة الأولى .

وعند نهاية العام يتفاجأ الطالب بأنَّه ليس الأول , بل لم يحصل على ترتيب من ضمن العشرة الأوائل  .

وعلى العكس قد نجد طالب لم يكن من ضمن العشرة الأوائل في السنة الأولى قد اجتهد كثيراً لكي يتفوق على الطالب الأول , لِما رأى من تقدير وإعجاب الجميع به .

فيحصل هو على المركز الأول , في حين أن الأول في السنة الأولى لم يتم تقييمه من ضمن العشرة الأوائل  .

إنكسارات الماضي 

موظف( ١ ) قد تعرض لظلم من مُديره في العمل , حيثُ تآمر مع أحد الموظفين( ٢ ) الأقرباء له لسرقة فكرة موظف آخر ( ١ )  .

هذا الموظف المظلوم ( ١ ) حاول إثبات أنَّ هذه فكرته , لكن دون فائدة , فلم يُقدم أي دليل على كون هذه الفكرة فكرته , فقد كان الموظف ( ١ ) يحكي للموظف ( ٢ ) عن فكرته أثناء سيرهم معاً لتنفيذ أحد المهام الموكلة إليهما , لكنَّ الموظف ( ٢ ) أعجبته الفكرة , فقرر على الفور عرضها على إدارة الشركة , وربح منها أموالاً ومنصباً في الشركة .

قصتان ذكرتهما لك عزيزي القارئ لتوضيح حقيقة هذا السجن …..

فالقصة الأولى للطالب المتفوق , تدل على التراخي والإستسلام لنشوة التفوق , فكثير من الناس يفرحون عندما يُحققون إنجازاً هاماً في حياتهم , وهذا حقهم …

لكن المشكلة هي أنَّ هذا الطالب تجاهل قواعد النجاح في الحياة , وأهم قاعدة في النجاح هي الإستمرارية .

فالنجاح في أمر ما يجب أن يكون مرحلة , لا أن يكون غاية , فكان على الطالب أن ينتصر على هوى نفسه ويواصل تفوقه للنهاية , فكان عليه أن يكون الأول في السنة الثانية , ثم الأول في السنة الثالثة , وعند دخوله لكلية من كليات القمم , ولتكن كلية الطب , فعليه أن لا يتوقف .

لأنَّ الحياة لا ترحم أحداً , والنجاح يجب أن يستمر , فما فائدة كونك طبيباً فاشلاً , هل هذا نجاح , هل مجرد كونك طبيباً فهذا يُعني نجاحك؟!

 الحقيقة ليست هكذا , فالحفاظ على النجاح هو النجاح الحقيقي , لأنَّ الصعب لا يكون في نجاحك , وإنما في الحفاظ عليه .

فالطالب لم يتفوق بعدها وتخرج من كلية متواضعة . بل ظلِّ سجيناً لتفوقه في هذا العام طيلة حياته .

 فما أهمية أن يحكي ذكريات تفوقه في هذا العام ؟!!!

لا شيئ ….. البعض يبقى سجيناً في سجن الماضي ويظل يتذكر إنجازاً قرر أن لايُكمله , وتوقف عند أول محطة , وهذا ليس كافٍ

وأمَّا عن القصة الثانية 

فالموظف الأول أصبح محبطاً واستسلم لسوء الحياة وظلمها , فقد أصبحت نظرته للحياة سيئة , وبدلاً من النهوض مرة أخرى وتعويض هذا الظلم والخسارة , إكتفى بسجن نفسه في مرارة هذا الماضي الأليم  .

وكلَّما نصحه أحد فإنَّ مرارة الماضي الأليم هي التي تُسيطر عليه , وجعلته يتوقف عند مرحلة محددة , ويقول لنفسه لماذا أجتهد في هذه الحياة الظالمة والقاسية ؟!!!

وكان أولى به أن يسأل نفسه …لماذا ماطلت بتقديم فكرتي في حين أن الذي سرقها منَّي لم يضيع وقته , وعرضها على الإدارة على الفور ؟!!!

ولو أنَّه استعاد أفكاره وأصرَّ على النجاح لما وصل لهذه الحال , لكنَّه لا ينفك يتحدث مع الجميع بأنَّ الموظف ( ٢ ) قد نال هذا المنصب بفضل فكرته , وزادت أرباحه بسبب فكرته , وكأنَّ الحياة كلها توقفت عند هذه الفكرة فقط .

لكنَّه ظل يحيا في سجن ماضيه ويتحسر عليه دون أن يبحث عن أفكار أخرى .

فلو أنَّه قرر أن يتفوق على نفسه ويهرب من هذا السجن , فلربما ابتكر فكرة أفضل بكثير من الفكرة المسروقة , وعندها سيتفوق على الموظف الآخر وعلى كل الموظفين , فما دام استطاع أن يؤسس فكرة ناجحة , فسوف يؤسس أفكاراً كثيرة وأكثر نجاحاً , وعندها سيعلم الجميع بأنَّه صاحب الفكرة المسروقة  .

الخاتمة

لذلك أنصحك عزيزي القارئ أن تجعل من الماضي بداية لتُكمل بها مسيرة النجاح , واعلم بأنَّ مسيرة النجاح هذه يجب أن لا تتوقف إلَّا بوفاتك , فإذا توقفت عن النجاح فسوف تعود للخلف أكثر , فإنَّ الحياة مليئة بالصراعات والتنافسات العديدة , فإذا توقفت فسوف يمر اليوم الواحد عنك بعام , لزيادة التنافس .

ولا تترك الماضي وتعزله تماماً عن حياتك , وإنَّما تذكره جيداً لتتعلَّم منه وتجعله لك دافعاً , فكن ذكياً واجعل من الماضي إنطلاقة لك للأمام بدلاً من أن يكون سجناً لك في الحياة .

انس النجار

تابعونا في العديد من المقالات والقصص الملهمة للنجاح في مدونة إستيقظ 

فكرة واحدة بخصوص “حطم قيود ماضيك”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!