هل الخشوع في الصلاة يُزيد من التركيز ونشاط الدماغ ؟!!
لكي تستطيع التركيز يجب أن تكون دماغك بحالة صحية جيدة , ولتحقيق هذا فإنَّ الذين يُعانون من قلة التركيز قد يلجأون إلى الأطباء , ويكون علاجهم لهذه الحالة بتناول الفيتامينات والأطعمة الضرورية للدماغ , وهذه الفيتامينات والأطعمة في الغالب تحتوي على الجلوكوز ومضادات الإكتئاب .
فالإكتئاب يؤثر سلباً على الدماغ , وعادة مايكون بسبب القلق والتوتر الشديد .
كما أنَّ هذه الأدوية والأطعمة تُساهم في تزويد الدماغ بالأكسجين , والاكسجين هو مصدر الحياة والغذاء للدماغ .
كما أنها تُساهم أيضاً في زيادة تدفق الدم إلى الدماغ , عن طريق زيادة نشاط الدورة الدموية في الجسم .
ولكن ما علاقة كل هذه الأمور الطبية بالصلاة ؟!!!
هل الصلاة تُغنيك عن هذه الأمور التي ذكرناها؟!!!
لا تتعجب !!!
الحقيقة العلمية تؤكد أنَّ الخشوع في الصلاة يُغنيك عن كل ماسبق , ليس هذا فحسب …..
بل وتُزيد من قدرتك على التركيز , وتعمل على زيادة نشاط دماغك بصورة أفضل من الأدوية والفيتامينات , وهذا يُعني زيادة ذكائك وسعادتك ونجاحاتك في حياتك .
لكن بشرط أن تكون الصلاة بخشوعٍ تامٍ حتى تستفيد حقاً من الصلاة , لا أن تؤدي الصلاة وكأنَّها أمرٌ يجب أن تنتهي منه بتنفيذ حركات القيام والركوع والسجود والقراءة بدون تدبر وخشوع لله تعالى .
ويجب التنويه قبل الحديث بأنَّ الصلاة وجميع العبادات يجب أن تكون خالصة لله تعالى وحده دون النظر لأي فوائد أخرى , ولكننا نتحدث عن هذه النقاط لنُزيدك يقيناً عزيزي القارئ بأنَّ جميع العبادات التي أمرنا الله بها تعود علينا بالخيرات العظيمة في الدنيا والآخرة .
وقبل أن نتحدث عن كيفية تأثير الخشوع في الصلاة على التركيز وعمل الدماغ , دعونا نتعرف على أهم الضروريات للدماغ ليكون بأفضل حالاته الصحية .
الصلاة والدورة الدموية
فإنَّ الدماغ بحاجة إلى نشاط متوازن للدورة الدموية بالدماغ .
والتوازن يُعني أن لا يكون هناك تدفق شديد للدماء في الدماغ فيؤدي إلى الجلطات , أو تدفق ضعيف فيؤدي إلى قصور عمل الدماغ .
كما أنَّ الدماغ بحاجة ضرورية إلى الأكسجين , وبحاجة ضرورية إلى الجلوكوز .
كما أنَّ الدماغ يحتاج إلى الاسترخاء المُعتدل , والابتعاد عن القلق والتوتر .
وبُناءاً عليه فإنَّ للسعادة تأثيرٌ كبير جداً على عمل الدماغ .
والسؤال الذي أعلم أنَّهُ يدور في أذهانكم الآن هو ….
كيف سنحصل على كل هذه الأمور الضرورية للدماغ من خلال الصلاة ؟!!!
وللإجابة على هذا التساؤل عليك أن تعلم ماهو التركيز ..
الصلاة والتركيز
فالتركيز :- هو الوصول لحالة عدم تشتيت ذهنك أثناء القيام بعملٍ ما , وعدم السماح بتواتر الأفكار المُتعددة التي تقتحم عليك مخزون أفكارك عندما تُحاول توجيه أفكارك لتنفيذ عمل محدد .
فالفائدة من التركيز هو أن يكون عقلك وأفكارك موجهة لأمرٍ واحد فقط تُريد إنجازه .
الصلاة واليوجا
والذين يُمارسون اليوجا من أجل التأمل يُدربون عقولهم على التركيز على أمر واحد , وذلك عن طريق التحكم بالأفكار السلبية التي تقتحم عقلهم , فيتدربون على تصفية أذهانهم وجعلها في حالة ( عش اللحظة ) وهي قمة الوصول لحالة التركيز , عن طريق توجيه كامل للقوى العقلية تجاه أمر واحد فقط .
ومع ذلك فإنَّ ممارسة التأمل واليوجا لا يؤديان النتيجة الكاملة المرجوة , لأنَّ العقل حينها يكون في حالة خمولٍ شديد وفي حالة توقف كامل , فهذا هو الغرض من اليوجا .
ولكن كيف يعمل الدماغ بصورة جيدة أثناء اليوجا أو التأمل ؟!!،
في الحقيقة لا يجتمعان معاً , إما التأمل وإسكات العقل , وإما تشغيل العقل وفقدان التأمل , لأن التأمل هو حالة سكون العقل عن العمل .
فأفضل طريقة للجمع بين التأمل والتركيز هي بالتفكير الإيجابي الناتج عن الخشوع في الصلاة أو قراءة القرآن الكريم .
فعندما يقف الإنسان بين يدي ربه – عز وجل – في صلاته ومتوجهاً بقلبه وهو يتدبر قراءة القرآن والتسبيح وأذكار الصلاة , ويكون إهتمامهُ مُنصباً فقط على الصلاة , مُجاهداً نفسه لتدبر جميع حركات الصلاة من قيام وركوع وسجود وتلاوة للقرآن والتسبيح …..
الصلاة والتفكير الإيجابي
فإنَّ الدماغ سوف تتلقى معلومات وأوامر كثيرة عن أمر واحد , وهذه الأوامر تكون بمثابة إعادة شحن وبرمجة وتأهيل وإصلاح ما تَعطَّلَ من خلايا الدماغ .
فالصلاة بهذه الطريقة لا تكون عبادة وحسب , بل هي شفاء وإعادة برمجة لعمل الدماغ .
وبذلك يكون الإنسان قد استفاد عقلياً بعدة أمور …..
* تدبره لآيات القرآن الكريم والتسبيح وحركات الصلاة التي قد ساهمت بشكل كبير بتنشيط دماغه , وجعلته يفكر بطريقة إيجابية صحيحة .
* هي أيضاً تزيد من قوة تركيزه , لأنَّه تعمق في الصلاة وتمت برمجة عقله لطرد الأفكار التي تتواتر عليه في العادة وتُشتت ذهنه .
*بتقربه من الله تعالى في صلاته يشعر بالسعادة الداخلية التي تؤدي به إلى الإسترخاء
وقد ذكرنا في بداية هذا المقال أنَّ الدماغ بحاجة إلى العديد من الأمور التي تُساهم في نشاطه وعمله بشكل جيد منها ( التركيز – التفكير – السعادة – الإسترخاء – التأمل )
وذكرنا بأنَّه يصعب الجمع بين أمرين , لكن بالخشوع في الصلاة يكون الدماغ قد استفاد من الجَمْع بين هذه الأمور جميعاً .
فتدبر الآيات وحركات الصلاة تؤدي إلى التأمل مع التفكير الإيجابي الذي يستفيد منه الدماغ
يتبع بإذن الله تعالى في الجزء الثاني
انس النجار
تابعو العديد من القصص والمقالات الملهمة للنجاح في مدونة إستيقظ